![محاسنة](https://www.shahennews.com/wp-content/uploads/2023/11/WhatsApp-Image-2023-11-08-at-11.57.11-AM-400x470.jpg)
خطاب الحرب: إمكانيات المقاومة وعقم المحتل وأثر المثقف
د. محمد محمود محاسنة
يترجم صوت المثقف محاكاة دقيقة للمنظومة الذهنية التي يدور في فلكها، قوة وضعفا، وأقصد بالمنظومة هنا مجموع الأنظمة الكلية للدولة، والنظام السياسي جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة، وهذا يفسر، في مستوى من المستويات، الأداء المتردي لكثير من الأنظمة العربية حيال القضية الفلسطينية عامة، والحرب الصهيونية على غزة خاصة، والكلام يطّرد وينعكس، فالناظر في خطاب الناطق الرسمي باسم حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين (أبو عبيدة) يجده خطابا فاعلا، يتعدى دائرة الحدث اللساني، ليصل إلى تشكيل رد فعل من الكيان المغتصِب وداعميه، وهذا سياقان متباينان من حيث المرجعية دالان على أثر حضور المنظومة في حضور المثقف وصوته.
وفي الوقت ذاته، يمكن الاستدلال بالخطاب القاصر عند الكيان الصهيونيّ، فعلى الرغم من الدعم غير المحدود لنظامه ولحربه الغاشمة، وتسخير الآلة الإعلامية الغربية لنشر أكاذيبه، إلا أنه خطاب مفرّغ لا يكاد يتجاوز بُناه اللسانية، ومردُّ هذا الخواء لا تفسره إلا حالة الافتقار الوجودي عند ذلك الكيان إلى الوجود ذاته، على مذهب المتنبي أبي الطيب:
“فقرُ الجهولِ بلا قلبٍ إلى أدبٍ ~ فقرُ الحمارِ بلا رأس إلى رسنِ”.
وعطفا على صوت المثقف العربي، فإنني أقول من هذا المنبر الحر، إن اللحظة مواتية جدا لتوحيد الجهد الثقافي العربي عامة، ذلك أن التحول الكبير في أداء الأنظمة العربية –البائن في خطابها الرسميّ-يوفر للمثقفين مظلة جمعية يمكن من خلالها قول الكثير، وفعل الأكثر (مواجهة ما تبقى من العالم الحر بالحقيقة الأبدية والحتمية التاريخية وسمو المقدس)، فإذا كانت العنصرية الدينية “المحرّفة” هي منطق الكيان الغاصب ومنطلقه، لتشريع ما يفعل فإن الحرية الدينية “المقدسة” هي منطق المقاومة الإسلامية الفلسطينية ومنطلقها، لتوضيح ولتأكيد شرعية ما تفعل، ولا يمكن لأحد أن يغلب التاريخ، والله غالب على أمره.