أقلام حرة

موقع المثقف من الصراعات الوجودية وفيها: الصراع الفلسطيني الصهيو أمريكي نموذجاً

الدكتور محمد محمود محاسنة

يرتبط دور المثقف في هذه المرحلة ارتباطا جذريا بالمسلمات البنيوية التي يصدر عنها، وبما أن الأرض والانتماء إليها من أعمق هذه المسلمات وأدومها، فإنه ينبغي لزاما على المثقف أن يعبر بدقة ومباشرة عن هذه المسلمة، وعن تجلياتها وتأثيرها في إنتاجه الفكري عامة والأدبي خاصة، وفي اللحظة الراهنة، أقصدُ مسلسلَ الحرب الصهيونية الغاشمة على فلسطين وغزة، سأقول: يجب أن يتركز جهد المثقف في توفير الغطاء الفكري الحقيقي الذي يثبت للذات (الجمعيّة) والآخر شرعية فعل المقاومة الإسلامية الفلسطينية، وذلك من خلال إنشاء وتطوير خطاب ثوري ينسجم مع المنطلقات الإنسانية والقيم الكونية المطلقة (الحق والخير والجمال)، وفي الوقت نفسه، وفي مسار موازٍ، يجدر بالمثقف العمل على إنتاج الوعي الراهن وفق نظرة تفاؤلية تستند إلى حتمية التاريخ وإلى صدق المقدّس، ذلك أن الحتمية التاريخية تثبت، في كل مرة، أن الاحتلال –أي احتلال- زائل لا محالة، والحتمية التاريخية منسجمة مع المقدَّس -إن لم تكن- منطلقة منه.
وعلى صعيد لا يقل أهمية عن السابق، ينبغي على المثقف العربي الحرص على تواتر رسالته، كما ونوعا، ولذا؛ ينبغي عليه تسخير كل آلات وآليات النشر والانتشار لتصير اللسان الناطق في الوقت الذي تشتد فيه يد المقاومة، فكلاهما: اليد واللسان وسيلة الحرية والتعبير عنها، ومن هنا أهيب بكل مثقفي العالم العربي والإسلامي، والعالم الحر أن يكثّفوا النشر الورقي والإلكتروني، لخلق الزخم الفكري الثقافي الذي يكشف عن شرعية فعل المقاومة الإسلامية، ويعرّي المحتل الصهيوني وأعاونه، فلا بد لهذه الفضاءات أن تمتلئ بالصدق والحقيقة، ولا ينبغي لأحد أن يركن إلى غيره في النشر، ذلك أن ترك النشر في قضيتنا يتيح المجال أمام قوى الشر أن تتصدر المشهد، وتصدّر روايتها للعالم على النحو الذي تريد، فالمثقف هو الأقدر على التأكيد على صدق السردية الفلسطينية على مدار ما يزيد على سبعة عقود، وفي الوقت نفسه، هو نفسه الأقدر على تثبيت زيف السردية الصهيونية.

زر الذهاب إلى الأعلى