أخبار الاردن

العمالة المصرية.. بين النظرة الفوقية من بعض الافراد والترحيب الرسمي لهم

الشاهين الاخباري _ رزان عبدالهادي

اعتاد الأردنيون منذ سنين عديدة على وجود عمال من الجنسية المصرية يعملون ويكدحون بينهم، حتى أنهم أصبحوا جزءا لا يتجزأ من تركيبة ونسيج المجتمع الأردني، لا سيما ان الأردنيين بطبعهم شعب طيب القلب ومضياف وابوابهم وقلوبهم مفتوحة للضيوف من شتى بقاع العالم، بلا استثناء.

لا تقتصر أعمال هؤلاء العمال على الأعمال البسيطة والسهلة فقط؛ حيث تراهم يحملون الاحجار الثقيلة، ويقضون وقتا طويلا تحت أشعة الشمس في أعمال الانشاءات، وفي العمارات السكنية، المخابز، المطاعم وغيرها، هؤلاء لا يعرفون على الإطلاق معنى ثقافة العيب، ولربما، لا يعرفون ايضا معنى للراحة.

والأردن، وبحسب الدارسات والأبحاث الرسمية، يعد واحدا من الوجهات المفضلة للعمال المصريين بسبب فرص العمل المتاحة في مختلف القطاعات مثل البناء والخدمات.

هؤلاء العمال، حقيقة، يساهمون بدورهم أيضا بشكل كبير في الاقتصاد الأردني بحيث أنهم يقدمون خبراتهم ومهاراتهم في مجموعة متنوعة من المجالات وبرواتب معقولة مقارنة لغيرهم من العمال.

ورغم أنهم يقدمون مساهمات قيّمة للاقتصاد المحلي، إلا أنهم غالبًا ما يواجهون تحديات اجتماعية واقتصادية، بحسب قولهم، حيث يواجهون تحديات تتعلق بالنظرة الفوقية والتمييز من بعض الأفراد.

ماهر، 33 عاما، مصري الجنسية ويعمل حارسا لاحدى العمارات السكنية، قال إن بعض الأفراد يعاملونه معاملة لا تخلو من الفوقية والتعالي، وأن هذا يخلق لديه شعورا صعبا لأن “الكرامة الانسانية هي أغلى واثمن ما يملكه أي انسان سوي”.

من ذلك، ذكر أنه من واجباته كحارس، نقل اكياس القمامة من أبواب الشقق الى الحاويات، لكن البعض، وكما ذكر، ينظرون إليه، أحيانا، وهو ينقل الأكياس باحتقار وازدراء.

“مع ان قيامي بهذا العمل ليس فيه اي انتقاص من كرامتي ولا يشكل، كما ارى، أي انتقاص لانسانيتي” قال الحارس الثلاثيني الذي شدد ان قدومه الى الاردن كان بقصد العمل وجني مبالغ ينوي ارسال معظمها لاهله وذويه في جمهورية مصر العربية.

محمد، 27 عاما، ويعمل في احدى محطات غسيل السيارات، ذكر انه (ومن باب اشارته الى ما يتعرض اليه احيانا من إساءة) قد قام في إحدى المرات، بغسل سيارة أحد الزبائن، وبعد أن بذل جهدا كبيرا في تنظيفها، قال له الزبون “ما هذه السيارة؟ وما هذا التنظيف؟..كأنك لم تقم بغسلها!”

بحسب العامل المصري، الذي كادت الدموع ان تنفر من عينيه وهو يستذكر ما كان من أمره، فإن أكثر ما المه ذاك اليوم ليس مجرد الكلام المهين الذي بدر من الزبون “وانما الأسلوب الذي تمت مخاطبتي فيه وهو أسلوب الصراخ والتوبيخ”.

المديرة التنفيذية لمركز تمكين للدعم والمساندة، ليندا كلش، قالت بدورها أنها ترى ان هناك نظرة فوقية من بعض الأفراد تجاه المهن التي تتم ممارستها من بعض العمال المصريين في الأردن.

واوضحت كلش أن بعض أرباب العمل يعتبرون ان هذا العامل قد جاء الى الأردن بفضلهم حتى أنهم معرضون للتسفير في اية لحظة مما يغول هذه النظرة الفوقية لهؤلاء العمال.

وبحسب المديرة التنفيذية، فإن إحدى الاشكاليات التي يواجهها العمال هي ان هؤلاء لا يستطيعون ان يستقدموا عائلاتهم الى الاردن مما يؤجج من شعورهم بالاغتراب.

“واذا استطاعوا احضار افراد عائلاتهم للاردن، فإنهم قد لا يتمكنون من إدخال أبنائهم لكافة المدارس في الأردن، وهذا يتنافى مع حقوق الطفل حيث ان لكل طفل في العالم حق مشروع في التعليم” تابعت كلش.

ومع ذلك، وعلى الرغم من كل ما سلف، فإننا لا نستطيع أن ننكر أن معظم الشعب الأردني يعاملون الأخوة المصريين باحترام وبتقدير، وينسبون لهم الفضل في توليهم لبعض الأعمال التي قد يتحرج بعض الاردنيين من القيام بها.

د. حسين الخزاعي، خبير علم الاجتماع، قال بدوره إن معاملة الأردنيين، إجمالا، للعمالة المصرية، “تنبع من الطيبة والاحترام والتقدير، ناهيك ان أرباب العمل يعاملونهم بحب ولا يفكرون للحظة بأكل حقوقهم او ظلمهم”.

الخزاعي أوضح أن العمالة المصرية تفرض احترامها على الغالبية العظمى من الناس ويكون ذلك من خلال اتقانهم بالعمل والاخلاص له.

وبحسب خبير علم الاجتماع، فإن الأمر لا يخلو من وجود بعض الأشخاص غير المسؤولين الذين يعاملون هؤلاء العمال بفوقية وتمييز.

“هولاء الأشخاص، غير المسؤولين، هم يمثلون أنفسهم ولا يمثلون غالبية الشعب الأردني الذي لا يتردد بتقديم وجبات الطعام والملابس وغيرها من الاحتياجات للاخوة المصريين، ناهيك عن المعاملة الحسنة التي جعلت الاخوة المصريين ينسون بعدهم عن بلدهم”، شدد الخزاعي.

وعلى الصعيد الحكومي، فإنه وبحسب الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل، محمد الزيود، فالعمالة المصرية في الأردن دوما ما تحظى باحترام وتقدير الأردنيين، بل إن قانون العمل لا يميز في الحقوق العمالية بين عامل أردني وغير أردني.

زر الذهاب إلى الأعلى