“بين لهاية الاقتصاد وجوع التنمية: رحلة استدلال في واقع الاقتصاد الأردني”
نعيم الملكاوي
دعونا نستكشف هذه المقارنة بشكل أعمق ونستدرج الصورة لتوضيح تأثيرات الوضع الاقتصادي الأردني على حياة المواطنين من خلال مقارنته بواقع الطفل واللهاية بلا ارقام او نسب فجميعها مهزوزة الثقة .
في سياق واقع الاقتصاد الأردني ، يمكن أن نجد في اللهاية رمزاً للتدابير الاقتصادية العجزية والمؤقتة التي تُعطى للمواطنين . تشبه هذه التدابير استخدام اللهاية لكتمان الجوع الحقيقي للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة . كما أن استخدام اللهاية بدلاً من الرضاعة الطبيعية يمكن أن يقيد نمو وتطور الطفل ، تقوم تلك التدابير الاقتصادية بقيود مشابهة على تطور البنية الاقتصادية والاجتماعية للأردن .
الوعود والتصريحات الفارغة المبنية على الامال من قِبَل الجهات الحكومية والمؤسسات المالية الدولية تُظهِر مدى التشـــابه بين الاســـاطير التي تُحكى للأطفال والوعــود الوهمية التي يتم إطلاقها لتهدئة المواطنين . هذه الوعود تتسبب في الإحباط والاستياء وفقدان الثقة حين انكشافها ، وتجعل المواطنين يشعرون وكأنهم يُهانون ويُهملون .
كما يمكننا أن نربط التقشف في السياسات الاقتصادية بالانتكاسة التي يواجهها الطفل عندما يتم سحب اللهاية من بين اسنانه .
فمثلما يعاني الطفل من الإلهاء والإحساس بالنقص عندما يتم سحب اللهاية التي تقدم له الراحة والأمان الزائف ، يُعاني المواطن من الإحساس بالخيبة والعجز عندما يكتشف عدم جدوى التدابير الاقتصادية التي تمثل جزءاً كبيراً من حياته اليومية.
ان تأثيرات الوضع الاقتصادي المتراجع تمتد عميقًا في حياة المواطنين ، تشبه تأثيرات اللهاية التي يعتمد عليها الطفل للراحة والهدوء حتى يصحو من نومه ليعاود البكاء مرة اخرى مطالبا بوجبة من حليب حقيقي يلامس امعاءه وطفولته .
في حين يصعب على الأسر تلبية احتياجاتها الأساسية من تعليم وصحة وسكن بسبب الارتفاع المتواصل في تكاليف الحياة والقلق من مستقبل تحسن الظروف المعيشية .
لهذا، يجب أن تكون هناك مبادرات جدية لتحفيز الاقتصاد وخلق فرص عمل دائمة. يجب أن تتجاوز السياسات الاقتصادية الحالية الإجراءات المؤقتة وتتبنى الحكومات استراتيجيات تنمية طويلة الأمد تؤدي إلى تحسين وضع المواطنين بشكل جذري وملموس .
تحتاج الحكومة إلى تحقيق التوازن بين التقشف وتوفير الخدمات الأساسية وتحسين فرص العمل ، بدلاً من الاكتفاء بإطعام المواطنين تصريحات فضائية وتدابير اقتصادية مؤقتة وان تكون اكثر واقعية وشفافية بالابتعاد عن جيوب المواطنين في حلولها .