أقلام حرة

حكاية الهرمون والدرويش

كامل النصيرات

ملاحظة قبل الدخول في جوّ المقال ..ليس هناك أي اسقاطات سياسية في هذا المقال وإن كانت السياسة هي ركن المقال الركين ..وليس هناك أي تلطيش على أي بني آدم و إن كان ال “بني آدم” أُسّ المقال..وليس هناك أية مخططات في رأسي وإن كانت المخططات هي ما تجعلني أكتب بهذه اللغة المرتبكة:
كنتُ أجلس مع أبي وهو يحدثني بحماس عن تاريخه الزراعي ..و من ضمن القصص التي رواها لي و توقفتُ عندها ..حكاية (الهرمون و الدرويش) ..كثير من المزارعين يهرمنون خضارهم لكي (تنفش و تطول ) و تنضج نضوجًا وهميًّا وهو بالتأكيد ضارٌ و مسرطن ..لكنّ أحد المزارعين المسلّم أمره لله رفض أن يهرمن منتوجاته ..و الكلّ يقول عنه درويش ..!
وحين حان موسم الحصاد ..غالبية المزارعين بضاعتهم تسّر الناظرين شكلًا فقط ..حبّة البندورة تملأ الكف وكأنها تفاحٌ يسيل لها اللعاب ..ولكنها مهرمنة و طعمها ينقصه الطعم ..ونضجها ينقصه النضج ..و بندورة الدرويش بلا هرمون ..بلا سموم ..بلا فساد..لونها أحمر حقيقي و طعمها حقيقي..لكنها صغيرة الحجم ..وفي السوق المركزي للخضار ؛ يتهافت التجّار على البضاعة المهرمنة و يشترونها بأعلى الأسعار و أما بضاعة الدرويش فتكسد أمام عينيه ولا يسومها أحد ..وقال حينها قولته الموجعة و التي اختصرت كل شيء : الغشّ كلّه يمشي..!
تأملوا تلك العبارة ..قلّبوها على كل الوجوه ..الفتاة الممكيجة مكياجًا صارخًا ( بحكي عن الصارخ/ هذه الجملة للمترصدين والمترصدات) و التي تجري عمليات التجميل و البوتكس و النفخ و الشفط ؛ سوقها ماشي ..! الفارغ السخيف الذي بلا مبادئ و لا يعرف تركيب جملتين على بعضهما ؛ الكل يقف له احترامًا لأنه يلبس بدلة أنيقة فقط ..! لو نزلت أي مطربة “هشّك بشّك” والقامة فيروز على أي شارع عربي..لتهافت الناس على الهشّك بشّك و تركوا الفيروز ..! لو ترشّح لأي انتخابات فقير ممسك على جمر الثبات و ترشح رأسمالي لا يمسك إلا بدفاتر الشيكات و ب(دحابير) المناسف ..لفاز المنسف و أتباعه ودحابيره ..!
نعم ..الغش كلو بيمشي ..ونحن من يجعله يمشي ..لأننا نختار الغش عن سبق إصرار و ترصد ..نختاره و نحن نعلم أنه زائف ..لذا..كل النتائج التي تقع على رؤوسنا هي مصائب بحجم الهزائم ..!

زر الذهاب إلى الأعلى