فلسطين

الخبز الساخن ومياه الاستحمام.. رفاهية مزعومة تحاربها إدارة السجون

الشاهين الاخباري

وجد وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير، منذ أطلق دعايته الانتخابية، مساحة واسعة في زنازين تضيق بمن يقبعون فيها، لاستعراض مخططاته العريضة وتشديد الخناق على الأسرى المختنقين أصلاً بفعل قيود إدارة سجون الاحتلال وسياساتها.

وما إن أعلن نفسه مرشحاً لانتخابات الكنيست على رأس قائمة حزب “القوة اليهودية”، هدد بن غفير بإجراءات استثنائية، تمس جوهر حياة الأسرى وتفاصيلها اليومية، على اعتبار أنهم يعيشون برفاهية عالية في السجون!.

وبمجرد أن شغل بن غفير منصبه الوزاري في حكومة الاحتلال، التي تندرج تحت مسؤولياتها “إدارة السجون”، استخرج من أدراج سابقه في المنصب غلعاد أردان، توصيات تبناها مطلع عام 2019، تحت عنوان “تقليص ظروف” اعتقال الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

التوصيات، التي تتضمن إجراءات “تصعيدية دراماتيكية” كما وُصفت في الإعلام العبري آنذاك، خلصت إليها لجنة شكلها أردان في الثالث عشر من حزيران/ يونيو 2018، لدراسة أوضاع الأسرى الفلسطينيين (الأمنيين)، وإقرار سلسلة إجراءات تبقي ظروف الاعتقال بحدها الأدنى، في مسعى لـ”ردع المعتقلين”.

وأُقرت الإجراءات في أعقاب جولات طالت 10 معتقلات ولقاءات مع مسؤولين من جيش ومخابرات الاحتلال، وإدارة السجون، ومستشارين عسكريين وقضائيين، وبعد الانتهاء من نحو 40 جلسة مداولات معمقة، تناولت مختلف ظروف الاعتقال التي كُلفت “لجنة أردان” بدراستها، ومقارنتها بظروف احتجاز السجناء “الجنائيين”.

وبحسب ما نُشر في موقع ما تسمى “وزارة الأمن القومي”، فقد قررت الإجراءات العقابية التالية:

– وضع حد للاستقلالية في السجون، بمعنى خلط الأسرى ومنع فرزهم في الأقسام بحسب انتماءاتهم التنظيمية.

– إلغاء نظام “الناطق” باسم الأسرى وفق النظام المعمول به، أي إلغاء وجود ممثل دائم للأسرى، الذي يتولى مسؤولية تنظيم العلاقة بين الأسرى في القسم أو المعتقل، وإدارة السجون، والاستعاضة عن ذلك بممثل متغير، يكون على اتصال مع سلطات الاحتلال فقط في مواضيع عامة، وليس له علاقة بالأمور الشخصية للأسرى.

– تقليص الأموال المودعة في السجون من قبل أهالي المعتقلين، والتي تتيح لهم شراء بعض الحاجيات من “الكانتينا”، ومنع الإيداعات التي تتم من خلال السلطة الفلسطينية.

– وقف المشتريات الخارجية بشكل نهائي، واقتصار ذلك على موجودات “الكانتينا”.

– إيقاف الطهي في أقسام السجون، وإخلاؤها من أدوات المطبخ، وتزويد الأسرى بالمواد الغذائية من خلال إدارة السجون فقط.

– تقليص استهلاك المياه، وإخراج أماكن الاستحمام خارج أقسام السجون، وتركيب أجهزة لتحديد الاستهلاك، وتحديد وقت استخدام المياه واستهلاكها لكل أسير.

وإضافة إلى كل ما سبق، تناقلت وسائل إعلام عبرية، أن خطة التضييق على الأسرى حسب توصيات “لجنة أردان”، بهدف تشديد ظروف الاعتقال، طالت تحديد نوعية وعدد القنوات التلفزيونية التي يسمح للأسرى بمتابعتها داخل السجون.

ولم يكتف المتطرف بن غفير بالاتكاء على ما جاء في مقترحات “لجنة اردان”، بل راح يراكم عليها إجراءات وعقوبات جديدة، لزعزعة الحياة التنظيمية والاجتماعية للأسرى في سجون الاحتلال، وضرب استقرار الحركة الأسيرة الذي لا يكاد يعرف الاستقرار أصلاَ، بفعل إجراءات النقل، والعزل، واقتحام الغرف وإخضاعها للتفتيش، والاستيلاء على الممتلكات والحاجيات، والتضييق على الأسيرات، وفرض القيود على الزيارات، وغيرها من الإجراءات.

غير آبه بتحذيرات من أجهزة الاحتلال العسكرية وإدارة سجون الاحتلال، من ردود الفعل التي قد تشعل السجون، أمر بن غفير بإغلاق المخابز في السجون، وتقليص زيارات أعضاء الكنيست، والاستيلاء على أموال من أسرى القدس وأراضي الـ48، وإقرار قانون بسحب الجنسية والإقامة منهم، والسعي إلى فرض عقوبة الإعدام على الأسرى.

ويضاف إلى ما سبق، قيام بن غفير بافتتاح أقسام جديدة في سجني “نفحة” و”جلبوع”، والشروع بنقل الأسرى إليها، كما زار الزنازين الجديدة في نفحة ليتأكد بنفسه أنها تضمن ظروف اعتقال قاهرة، ما مثل إعطاء ضوء أخضر للشروع بجملة العقوبات الجديدة، وفي مقدمة ذلك تحديد وقت الاستحمام وكمية المياه.

وهنا، تطرح مسؤولة الإعلام في نادي الأسير أماني سراحنة، سؤالاً استنكارياً نيابة عن كثير ممن تعتريهم الدهشة حول سبب الحالة النضالية الناشئة في المعتقلات: “هل ستنشب معركة مع إدارة سجون الاحتلال بسبب الاستحمام؟”.

وتقول، قد تثير هذه الجزئية الاستغراب، ولكن الإجابة بالتأكيد ستكون نعم، فهذه المسألة هي جزئية من التفاصيل اليومية المهمة التي يؤمن الأسير بأنها أحد حقوقه غير القابلة للسلب، وفي السجون أصبح الهامش ضيقاً لا يتسع لفرض المزيد من الإجراءات العقابية.

وترى سراحنة، أن كل المؤشرات التي يمكن قراءتها من المعركة الحالية، تتمثل في أن إدارة السجون تعمل على تطبيق جزء من العقوبات، من أجل استشعار ردة فعل الأسرى على ما سيلي من إجراءات، فوقت الاستحمام ليس سوى العنوان فقط لشكل المرحلة المقبلة، والتي تستهدف تفاصيل تتعلق بالحياة الاعتقالية، أو ما تبقى للأسرى من بعض الحقوق والمنجزات التي راكموها على مدار سنوات طويلة من النضالات.

وأكدت أن ما يحدث في سجون الاحتلال من تطورات ليس وليدة اللحظة، بل يشكل خطة بنيوية تراكمية تشرف على تنفيذها حكومات الاحتلال المتعاقبة، ولكن التحدي الأكبر في هذه المرحلة هو حجم الإصرار على تنفيذ الإجراءات والعقوبات بغض النظر عن التبعات، ونوعية الحكومة ممثلة بالوزير المسؤول عن السجون إيتمار بن غفير.

وقالت: “بن غفير يستهدف تفاصيل دقيقة داخل الحياة اليومية للأسرى، وهي تمثل بالأساس السبب الأساسي على قدرة الأسرى على الصمود. هو يحاول نسف ما تبقى لهم من منجزات وحقوق انتزعوها على مدار عقود طويلة”.

وفا

زر الذهاب إلى الأعلى