كتب محمود الدباس..الخلط..
محمود الدباس
للناظر والمدقق في احوالنا.. يجد ان الخلط اصبح سمة واضحة في حياتنا.. فبعد ان كان الناس ومنذ القِدم يفصلون ويميزون بين التصرفات والعلاقات والاقوال والافكار والثقافات.. اصبحنا لا نفصل بينها.. فتسيح المصطلحات الشعبية مع الفصحى.. وتختلط المشاعر في المتضاد من المناسبات.. وتتداخل العلاقات دون ضوابط.. وفي النهاية تنتج الكثير من المشاكل والخلافات لعدم وضعنا حدود لاي شيء.. ولا نعطي العذر للاخر نتيجة عدم فهمه حدودنا وحواجزنا ومقصودنا.. فلم نستفد من دراسة التقاطع والاتحاد في الرياضيات.. والتي اسست لمفهوم نسبة ما هو مشترك وحدوده بين الناس والمجموعات والاشياء..
وفي هذه العجالة ساخصصها للحديث عن النقد والانتقاد.. لانني عانيت منهما كثيرا في اليومين السابقين..
لست بذلك اللغوي الضليع.. ولكن بنظرة بسيطة بمعنى المصطلحين نجد هناك بون شاسع بينهما.. فعلينا ان نعي بان النقد هو فعل غير منحاز لفكر او رأي او سياسة او طائفة.. يوضح الإيجابيات والسلبيات لاي فعل او قول.. دونما اعتداء أو اتهام او شخصنة..
بينما الانتقاد هو فعل يرتكز على تصيد الأخطاء.. والبحث عن اكتشاف مواضع الخلل والاخطاء.. من دون نيةٍ او محاولةٍ لتصويبها.. فيكون دوما استخدامه على سبيل الانتقاص من شأن الآخر.. واثبات انه لا يرقى الى مستوى المنتقد..
وفي مقال لي قبل عدة ايام بعنوان “وصفة لتقليل انتقاد الناس لك”.. حاولت التركيز على الانتقاد.. وليس النقد.. فالنقد له اهله.. وله اساليبه.. وله قواعده ومنطقه واساسياته..
فبالتالي النقد شيء جميل وراقي.. ولا يحترمه كل صاحب عقل رشيد واعي فحسب.. بل يطلبه ويسعى لسماعه.. لانه على يقين بانه الطريق السريع.. والميزان الدقيق.. لتقويم وتصحيح مسيرته.. اكانت افعالا وتصرفات او اقوال..
وفي غالب الاحيان يكون النقد تطوعيا ومبادرة من محب لك.. يريد ان تكون اعمالك ومنطوقك وتصرفاتك اقرب الى الكمال.. خالية من اي شوائب.. بعيدة كل البعد عن القيل والقال والاستغابة.. وحتى ان وصل الى درجات قاسية.. فلا يريد منه الجرح او التنقيص من القدر والشأن.. وانما التعديل والتصويب والخير الكبير..
بينما الانتقاد هو الذي يتعرض له الكثيرون منا.. وحتى نكون منصفين.. ففي كثير من الاحوال والاحيان يُوقِع الواحد منا نفسه في مرمى بنادق المنتقدين..
فعندما نعلم ان الناس تتصيد الاخطاء.. فعلينا نحن ان نحاول تخفيف مزالقنا واخطائنا التي تجعلنا لقمة سائغة على السُن من يتصيدون او حتى المراقبين.. وكما قال الاولون.. “من جاب نفسه للردى.. لا يلومها”.. فما باله يلوم الآخرين؟!..
فكما نعلم.. رحم الله من جب الغيبة عن نفسه.. اي رحم الله من اجتهد وسعى وحاول ان لا يجعل تصرفاته واقواله مدعاة وحجة للاخرين يتصيدونه ويغتابونه من خلالها..
ابو الليث..