البعد الجيولوجي لمخاطر السيول في الأردن
كتب أ.د. محمد الفرجات
معظم المدن الأردنية تقع على نطاق شفوي جبلي ممتد من الشمال للجنوب… ويعتبر الكتف الشرقي لحفرة الإنهدام التركيبية الجيولوجية والناشئة عن صدع البحر الميت العظيم الإنزلاقي التوسعي، وتشمل هذه الحفرة الأغوار الشمالية والجنوبية والبحر الميت ووادي عربة الشمالي والجنوبي والعقبة.
يعطي هذا الأمر أعلاه صفة الإرتفاع والوعورة والميول العالية لمناطقنا، وقد أحدثت فيها مجاري وشبكات أودية تطورت مع الزمن لتصريف مياه الأمطار بإتجاه الغرب بشكل عام.
صخور وطبقات هذه المناطق معظمها جيرية هشة وطينية ورملية تتصف بأنها مصدعة وتحتوي تشققات وفواصل وتكسرات، وهي تتابع طبقات جيولوجية سميكة إنشقت بسبب الصدع الرئيسي العظيم وتعد قابلة للإنزلاق والإنهيار.
نشأ عن الصدع الرئيسي مصاطب كبيرة مناطقية ممتدة متدرجة بالإرتفاعات وتنخفض نحو الغرب ويفصل بينها صدوع وتقع عليها مدننا وقرانا.
نتحدث مع هذا الواقع الجيومورفولوجي عن تراكم مستمر لنتواتج الحت والتعرية من فتات صخري في سفوح الجبال وجوانب الأودية في مدننا وقرانا.
عند هطول الأمطار على مرتفعاتنا تتجمع المياه عبر المساقط المائية الممتدة إلى الشرق وتجمع معها الرواسب من فتات صخري ناشيء عن الحت والتعرية ومن مختلف الأحجام، وتتشكل السيول وقد يحدث الفيضان، وتسير المياه بشكل عام عبر مجاريها نحو الغرب محملة بالرواسب، فتنتشر في مدننا وقرانا وتجمعاتنا السكانية، والتي تمنع رشح جزء من هذه المياه للتربة بسبب شوارعها وأرصفتها وبناها الفوقية والتحتية، مما يزيد من حدة هذه السيول.
مهما قامت السلطات كالبلديات والمفوضيات بإنشاء سدود وقنوات تصريف وتدابير، فقد تأتي أمطار تفوق قدرة هذه التجهيزات ويحدث الفيضان في منطقة ما.
التغير المناخي أفرز كذلك حالة من العشوائية التي جعلت الدراسات المائية السابقة على مناطقنا تحتاج التحديث، خاصة وأن هذه الدراسات كانت حجر الأساس لهندسة بنى تصريف مياه الأمطار من قنوات وعبارات ومجاري سيول.
في مناطقنا تتعامل السلطات مشكورة مع حالة معقدة من الجيولوجيا والطبوغرافيا والمناخ، مقابل مد سكاني ناتج عن الزيادات السكانية غير الطبيعية كموجات اللجوء، والتي تجعل عملية تنظيم إستعمالات الأراضي ليست ضمن المعايير والمواصفات المرغوبة.
أمام متغيرات الجيولوجيا والطبوغرافيا وطبيعة التساقط المطري، نستطيع تصنيف مناطقنا بأنها مناطق خطر من متوسط إلى عالي فيما يتعلق بالثباتية والمقاومة لآثار السيول والفيضان.
بحمد الله تعالى فقد اكرمنا بفضله ونزل الغيث الذي ينعش التربة ويحسن جودتها ويبشر بموسم زراعي جيد، ويغذي الآبار والعيون والينابيع ويحسن نوعيتها، ويرفد سدودنا.
ويبقى علينا مضاعفة الجهود والتكاتف بين مؤسساتنا ومواطننا دائما لتخفيف آثار أية مخاطر قد تنشأ عن التساقط المطري.