أقلام حرة

من (أبو الشباب) إلى (عمّو) إلى (حجّ)

كامل النصيرات

يتوقف عمرك عند العشرينات ..ترفض داخليًا تعترف انك كبرت ..تريد أن ترى نفسك في مرآتك وحدك ..والشيّبُّ الذي يغزوك في كل اتجاه لا يجعلك تتوقف عن وهمك بأنك (أبو الشباب) ..هذا النداء الذي كان يلعب بك و يجعلك تنتشي ..الآن ما عاد أحدٌ يقولها لك ..لم تعد تسمع (أبو الشباب) ..!!
قبل سنوات قليلة أهطلوك بكلمة (عمو ) ..كم كانت تغضبك الكلمة ..كنت تحتجّ أحيانًا ..كنتَ تقول لهم ما زلتَ (أبو الشباب)..لم يعبأ أحد باحتجاجك ..بل لم يلتفت أحدٌ إليك ..ومضوا يحشرون (عمو) بين كل الجمل الموجهة لك ..!
لكن؛ منذ صارت كل شعرةٍ سوداء بيضاء في لحيتك الفاضحة..تظهر كلمة جديدة يصفعونك بها ..(حج)..نعم يقولون لك يا حج ..وعندما تحاول أن تستظرف وتقول لهم (لم احج بعد) لا يلتفتون إليك أيضًا و يصرّون على إعادتها و تكرارها وكأنهم يقولون لك : لقد هرمت فالزمْ حدود هرمك..!
لم تستسلم ..وظللتَ تقاوم و تصرّ بأن شكلك يوحي بالسنّ المتقدمة فقط ؛ ولكنك (أبو الشباب) على الحقيقة ..ولم تعش –أصلًا- شبابك كما يجب ..لم تشبع بعد من المشي تحت المطر ..لم تنفّذ وعدك باجترار قصيدة في عيني أُنثاك علانية وسط البشر في أي شارع مزدحم ..لم ولم ولم ..!
ديونك تكبر و أنت لم تكبر ..صغارك يكبرون وأنت لم تكبر ..كل شيء فيك و حولك و فوقك و تحتك يكبر ؛ وأنت لم تستسلم بعدُ بأنك تكبر أيضًا ..حتى جاءت اللحظة ..نعم جاءت ..رأيت كثيرًا من أترابك مرّة واحدة ..زميل دراسة ..وصديق طفولة ..و ابن حارة ..بل رأيتَ من كانوا أصغر منك أيضًا ..رأيتهم دفعة واحدة ..وشعرتَ بأنهم كبروا ؛ بل هرموا ..فتوقفتَ عند نفسك و قلت لها : لقد هرمتُ أنا أيضًا ..لأن هؤلاء قد هرموا..!
لا أريد نداء (أبو الشباب) ؛ تنازلتُ عنه ..ولكن اضحكوا عليّ بكلمة (عمّو) ما استطعتم ولا تتجاوزوها..وبلاش كلمة (حج) فهي تشي بأنني (مش أنا) ..!!

زر الذهاب إلى الأعلى