أقلام حرة

استعادة محمد كعوش


حمادة فراعنة.

جميعنا كبشر، نكره الموت، الرحيل، فقدان الأحبة، الدفن في التراب الموحش، نكرهه حتى لو خلّصنا من وجع المرض وعذاباته، أو كان طريقنا ووسيلتنا نحو الكرامة والحرية والخلاص من الظلم، نكرهه، ربما لا شيء، أو لا عنوان غيره يستحق الكره أكثر منه، أكثر من الموت.
بالأمس، حضنت الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة، حفل إشهار كتاب الراحل الكاتب الصحفي محمد كعوش، بمهابة ورفعة وحضور بما يليق بذكرى الراحل، وتراثه، كما يستحق، مما سجل أحدهم تعقيباً وتقديراً بقوله:
«نكره الموت، ولكنني أتمنى أن تحتفل عائلتي ومعهم الأصدقاء، أسوة بما فعلنا اليوم، وحصل إلى الراحل محمد كعوش، وحقق».
كتاب محمد كعوش الذي رافق عنوانه «بوردة أو على جناحَي فراشة» جمع مقالات اختارها الكاتب بنفسه لمشروع كتاب كان يعده، فرحل قبل أن يتمه، فأوفت زوجته الكاتبة الأردنية الأديبة هدا السرحان، ما هو مطلوب، واجادت الاختيار، لأنها تعشقه، وكاتبة تجيد القول والكتابة، اثبتت أنها تُجيد الاختيار.
قدمه شاعر وكاتب متمكن، وصف كعوش الذي كان يتسلح بالأمل بقوله : ينتمي محمد كعوش إلى جيل الكتاب القوميين الكبار، الذين أخذوا على عاتقهم حراسة الحلم العربي، فقد ظل مخلصاً لاقانيم هذا الحلم القائمة على التحرر والوحدة والتقدم، وبؤرة مركزية كتاباته: فلسطين، حيث تتبع منذ ستينات القرن الماضي، نار القيامة الفلسطينية اللاهبة، التي تشبُ وتتصاعد في كل الاتجاهات «، هذا ما كتبه يوسف عبد العزيز.
ومن هو أفضل من الفنان التشكيلي محمد الجالوس وأرقى ، ليزين لوحته وتصميم غلافه، برفقة رسام الكاريكاتير ناصر الجعفري.
أما المهندس المعطاء سمير نعيم عبد الهادي، فقد تكلف بتغطية إصدار الكتاب ودعمه، مما يؤكد الزهو والرفعة لدى هذا الصديق امتداداً لعائلة سجلت حضورها الوطني، والقيمي، والإنحياز لكل نبيل وجميل متقدم.
أقرب أصدقاء محمد كعوش سمير حباشنة كان دافئاً، يقظاً، جاذباً، ليكون حفل إشهار كتاب محمد كعوش، بما يستحق في قاعة الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة، التي فرضت مكانتها وتميزها وتعدديتها، الثقافية والاجتماعية والفكرية لتكون صورة لمشهد أردني نتباهى به ونفخر، يقودها «أبو الفهد» مع فريق يتجدد، يحفظ دورها، بما تجمع وتحتفل وترفد من يأتيها، ومن يسمع نشاطاتها ويشارك بها.
رحل محمد كعوش ،ولكنه ابقى تراثاً عائلياً، وكتابةً ستخلده رغم قسوة الزمن وتبدلاته، وإذا حمل معاني الحراسة للحلم فالشعب الفلسطيني وتضحياته، والعرب وتطلعاتهم، ستجعل من هذا الحلم واقعاً، إن لم نصل إليه، وتأخرنا، فالاولاد والأحفاد سيصلون حكما إليه.. ويتذكرونا.

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page