أجواء الإقليم ولقاء عباس – جانتس
زياد أبو زياد
بداية لنعمل معاً من أجل أن يأتي العيد القادم ونحن في حال أفضل، لنعمل من أجل يوم يتحرر فيه الأسرى ويتم تضميد الجراح ووقف العدوان على أرواح أبناء شعبنا وممتلكاته ومقدساته، وعندها يستطيع المرء أن يقول دون استحياء أو حرج: كل عام وأنتم بخير!
اللقاء الذي تم يوم الأول من أمس بين الرئيس محمود عباس وبين وزير الحرب الإسرائيلي بيني جانتس جاء في خلال أقل من ثمان وأربعين ساعة من اللقاء الذي تم برعاية الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وجمع بين الرئيس عباس والأخ إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الجزائر.
توقيت اللقاء بين الرئيس عباس وبيني جانتس مثير للتكهنات فهو إضافة للقاء عباس-هنية يأتي على خلفية سياسة إسرائيلية ممنهجة تعارض أي تقارب أو مصالحة بين فتح وحماس لكي تظل إسرائيل تلعب بورقة أنه لا يوجد ممثل شرعي للفلسطينيين يُحظى بموافقة الجميع الفلسطيني، وعلى خلفية استمرار رفض إسرائيل أجراء انتخابات فلسطينية وتعطيلها بشتى الوسائل ليتسنى لها الاستمرار في الادعاء بأن القيادة الفلسطينية غير شرعية وغير منتخبة وفاسدة، وعلى خلفية بعض التسريبات عن احياء الاتصالات بشأن اجراء صفقة تبادل للأسرى بين إسرائيل وحركة حماس سترفع من منسوب شعبية حماس في الشارع الفلسطيني، وعلى خلفية التحضيرات لزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الأربعاء القادم واللقاءات المتوقعة بينه وبين كل من القادة الإسرائيليين والفلسطينيين ومحاولة إسرائيل إعطاء الانطباع بأنها تقوم بخطوات لتسهيل حياة الفلسطينيين في اطار الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب المسماة صفقة القرن والتي رفضها بايدن في العلن ولكن ادارته تتبناها وتقوم بتنفيذها تحت مسمى آخر هو تقليص الصراع shrinking the conflict أو ما أسماه نتنياهو في حينه بالسلام الاقتصادي الذي يتجاهل تماما البعد السياسي للصراع ضد الاستيطان والاحتلال ويتجاهل التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني.
الصورة في غاية الغموض وتترك مساحة واسعة للتكهنات سواء في اتجاه التشكيك أو زرع بذور الفتنة الداخلية أو بيع الأوهام الكاذبة.
وإذ أسرد الأجواء والظروف التي في ظلها جاء لقاء عباس جانتس دون طرح استنتاج معين تاركا ً الأمر للقارئ الفطن ليستخلص منه ما يشاء، فإنني أكتفي بالقول بأن لا شيء تغير في اليوم التالي للقاء عباس وجانتس.
لا شيء تغير ولا جديد تحت الشمس. اقتحامات المستوطنين والمتطرفين للمسجد الأقصى في هذه الأيام المباركة ازدادت حدة، وصلواتهم في ساحاته تحت حراسة الشرطة أصبحت أمرا يتكرر كل يوم، وهدم المنازل وتشريد الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم بشكل يومي ما زال يحدث وبكثافة على أيدي القوات العسكرية الإسرائيلية التي تتلقى أوامرها من جانتس نفسه الذي التقى أبو مازن، واعتداءات المستوطنين ضد أبنا شعبنا وممتلكاتهم بحماية الجيش الذي يتلقى تعليماته من جانتس أيضا مستمرة و..و..والقائمة طويلة.
صناعة الوهم والجري وراء السراب لا يمكن أن تنتهي إلا إذا عدنا لأنفسنا وامتثلنا لقوله تعالى “لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.
وتغيير ما بأنفسنا يقتضى العودة الى الشعب والى الخيار الديمقراطي الذي يمكن الشعب من تمثيل نفسه بنفسه من خلال الاختيار الحر والنزيه لمن يمثله ويتخذ القرارات المتعلقة بمصيره وحقوقه وقيادته الى شاطئ الأمان.
نحن بحاجة الى مصالحة حقيقية مع أنفسنا وبين مكونات الشعب الفلسطيني، ونحن بحاجة الى نفض أيدينا من وهم الجري وراء أمريكا وحلفائها، ووهم أن الاستجداء السياسي يمكن أن يؤدي الى نتيجة. ونحن بحاجة الى ادراك أن الوحدة الوطنية والانتخابات النزيهة الشفافة هي الخطوة الأولى على طريق الخلاص.
ومرة أخرى ليكن العام القادم عاما ً أفضل. وليكن العيد القادم عيدا ً يأت ونحن نحتفل بشيء جديد أفضل مما نحن فيه.