أقلام حرة

الى أين نسير ….

سلمان الحنيفات
منذ الوهلة الأولى التي سقط فيها نظري على عنوان المقال ، واذا بالأفكار تسبح في مخيلتي ، وأخذت أناملي تتحرك لتجمع ما يجول في خاطري ، واستذكار ما وصل اليه الحال في الأيام الماضية ، من حوادث وقتل وانتحار وضياع أُسر كاملة ، لعدة أسباب وأهمها الشعور بالوحدة بسبب بُعد الأهل عن أبنائهم وعدم التواصل معهم إلا من خلال التطبيقات على مواقع التواصل الاجتماعي.
نحن في زمان طريقنا مملوء بالذئاب المفترسة ، وصاحب الولاية في البيت يسير بمفرده ، الى أين؟ تيقظوا أيها الآباء ، لن يبقى شيء اسمه الأسرة، بيوتنا خالية من المشاعر ، وخالية من الحديث مع بعضنا البعض ، بيوتنا خالية من الأصوات والنقاشات ، والعتابات والمشاحنات ، بيوتنا خالية من الحب ومن المواساة ، بيت كل فرد فيه دولة مستقلة ،منعزلون عن بعضنا البعض ، ومتصلون بأشخاص آخرين خارج هذا البيت ، لا نعرفهم ولا يمتون الينا بأي صلة ولا قرابة .
تيقظوا فان بيوتكم أصبحت تشبه بيوت العنكبوت ، واهية (ضعيفة) ، فالأب الذي كانت تجتمع حوله العائلة ، والأم التي كانت تلملم البيت بحنانها ورحمتها ،تبدلت أدوارهم فأصبحوا مشغولين بالعالم الافتراضي ، الى أين نسير ؟ تحول أبنائنا من مسؤولين الى متسولين ، يتسولون كلمة إعجاب من هنا وكلمة حلوة ومديحاً مزيفاً من هناك ، وتفاعلات على منشوراتهم على مواقع التواصل من ذاك وذاك.
في هذا الزمان أصبحنا نستجدي فيه الحنان من الغريب ، بعد ما بخلنا به على القريب ، الى أين نسير؟ الأب والأم يراقبون كل العالم في مواقع التواصل الاجتماعي ، فأصبحوا لا يشاهدون منشوراً إلا ووضعوا بصمتهم عليه ، ولكنهم لا يعرفون ما يحدث في بيوتهم ، وهل لهم بصمة في سكينة بيوتهم وزرع الرحمة والمودة في أبنائهم ، يهتمون في كل مشاكل العالم ويحللون وينظرون الى كل الأحداث التي تحدث في الكون ، وهم لا يعلمون ماذا يحدث في بيوتهم ولا يستطيعون تحليل العوامل النفسية وما يعانون من أبنائهم داخل عالمهم الافتراضي.
الى أين نسير؟ آباء وأمهات يحزنهم أولئك الشباب الذين يكتبون نحن حزينون على مواقع التواصل ، وهم لا يعلمون أن أبنائهم غارقون بالحزن والوحدة ، يتأثرون لقصص وهمية يكتبها أُناس وهميون ، فيدخلون معهم في نقاشات من أجل حل مشاكلهم وما يمرون به من أزمات نفسية وهو لا يهتمون بأزمات ابنائهم ، الى أين نسير ؟ الأبناء معجبون بشخصيات افتراضية ، ويعتبرونهم قدوة لهم ، ويحترمونهم ويبادلونم الشكر على ما ينشروه ، ووالداهم اللذان تعبا من أجلهم لم يجد منهم كلمة شكر او مديح.
لماذا أصبحت حياتنا هكذا؟ لأننا أصبحنا نبحث عن رسالتنا خارج البيت ، نريد أن نؤدي رسالتنا خارج أسوار البيت ، مع البعيدين ، مع الغرباء ، مع من لا نعرفهم.
ما هو الحل وما هو العلاج؟ الحل هو أن نتيقن أن الرسالة الحقيقية هي التي بدأت في البيت ، رسالتنا تبدأ من بيوتنا ، وفي بيوتنا ، ومع أهلنا ، لأنه عندما نعمل على أداء رسالتنا من البيت قبل الشارع ، ستنتهي اكثر مشاكلنا .

زر الذهاب إلى الأعلى