الدغمي يدعو للانخراط في مشروع التحديث السياسي
الشاهين الاخباري
قال رئيس مجلس النواب عبد الكريم الدغمي، ان الرؤى الملكية كانت النبراس الهادي لأعمال الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة التاسع عشر التي انتهت مدتها الدستورية في الخامس عشر من الشهر الحالي.
ودعا الدغمي في مؤتمر صحفي اليوم الاثنين، لعرض انجازات المجلس، القوى السياسية والمجتمعية الى الانخراط الجاد في مشروع التحديث السياسي من خلال بناء تجارب حزبية فاعلة تمتلك وعيا مسؤولا بمصالح الأردن والاردنيين وتراكم على منجزات الدولة خلال القرن الماضي، الى جانب العمل وعبر الإعلام، على تفكيك بعض المفاهيم التي يجري فرضها على الرأي العام والتعامل معها كمسلمات، ومن أهمها الحديث المكرر عن الثقة بمؤسسة البرلمان وتدنيها، وهو مفهوم يستند حسب مطلقيه الى عدد من استطلاعات الرأي التي نحترم القائمين عليها، الا ان هناك العديد من الملاحظات العلمية والعملية التي تعتريها. واقر مجلس النواب خلال دورته العادية الأولى التي استمرت ستة اشهر، 14 مشروع قانون وقانونا معدلا، خلال 65 جلسة منها 7 رقابية، وناقش النواب 301 سؤال، لم تجب الحكومة على 91 سؤالاً منها ، بالإضافة إلى 302 اجتماع عقدتها لجان المجلس الدائمة، فيما لا زال في عهدة اللجان الدائمة 45 قانونا مؤقتا ومشروع قانون، فضلاً عن تقارير ديوان المحاسبة للأعوام 2018، 2019، 2020، كما بلغ عدد الاستجوابات 15 استجوابا، وردت اجابات حكومية على 5 منها فقط. ولفت الدغمي الى ما تضمنته الدورة العادية الأولى من تشريعات على مستوى الدستور او قوانين الإصلاح السياسي، والتي حددت مساراً سياسياً ينتهي في حلول العقد المقبل بتشكيل حكومات برلمانية وحياة حزبية قوية. واكد الدغمي حرص المجلس على تعزيز المسيرة الديمقراطية بمسؤولية وطنية ودون تردد أو تأخير، وتدشين محطة جديدة في مسيرة التحديث الشامل لتحقيق تطلعات وطموحات شعبنا الكريم، واصفا الدورة العادية الماضية بـ”دورة” تجذير المسار الديمقراطي تشريعياً، اذ تصدر التشريع اجندة اعمالها، استكمالاً لمسار التحديث السياسي الذي أعلن عنه جلالة الملك عبد الله الثاني من خلال تشكيل لجنة ملكية لتحديث المنظومة السياسية.
وأوضح، ان تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية جاء نتيجة لفهم الدولة الأردنية وعلى رأسها جلالة الملك، لمجمل تلك التحديات والتحولات، فكان اطلاق عقد تجذير التجربة الديمقراطية هو مشروع الدولة الأردنية الذي انيط بالبرلمان خلال دورته الماضية ، لافتاً الى ان النواب تعاملوا على مستوى اللجان والهيئة العامة في المؤسسة البرلمانية مع تلك المسؤولية بكل جدية واقتدار على مستوى فتح باب النقاش امام القوى السياسية والمجتمعية، او عبر النقاشات التي تمت تحت قبة البرلمان.
واستمعت المؤسسة البرلمانية بكل اصغاء وتفهم لكل الآراء التي كانت في الفضاء العام والتي تراوحت ما بين خطاب يدعو الى الذهاب لبناء “اردن متخيل” يتجاوز من وجهة نظرنا ممكنات الواقع وظروفه الموضوعية، لينحاز البرلمان في النهاية الى مقاربة “الأردن الممكن” عبر تشريعات تجذر التجربة الديمقراطية حزبياً وانتخابياً من جهة، وتحافظ على مصالح الدولة من التضارب من جهة أخرى عبر حماية مصالح الدولة العليا و أمنها الوطني، وهو ما يعني في ذات الوقت حماية المسار الديمقراطي ذاته.
وشدد رئيس مجلس النواب، على اهمية دور الإعلام باعتباره شريكا حقيقيا للمجلس في الرقابة على مختلف أوجه الشأن العام، مبينا أن المؤتمر الصحفي يأتي ترسيخاً لمبدأ الشفافية والانفتاح الذي انتهجه المجلس بهدف إطلاع الرأي العام والمهتمين والمتابعين على أداء مجلس النواب وتمكينهم من بلورة صورة شاملة عن مجمل الاعمال والاحداث التي تدور في أروقته. وأشار الى تدشين البرلمان الحادي عشر الذي انطلقت اعماله عام 1989، لمسار التحول الديمقراطي في البلاد، الا ان هذا المسار تعرض، بفعل عوامل خارجية في الأساس، الى تباطؤ ، حيث رتبت التحديات الإقليمية طوال الثلاثة عقود الماضية أعباء كبرى على الدولة الأردنية امنياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وهي التحديات التي قابلها أيضا جملة من التحولات الداخلية والتي برزت تحت عناوين مطالب فئوية واقتصادية وسياسية عبرت في مجملها عن عبقرية الشعب الأردني وتطلعاته الوطنية المشروعة.
واوضح، ان مسألة الثقة بمؤسسات الدولة أصبحت لازمة يجري الحديث عنها في كل مناسبة استناداً لتلك الاستطلاعات، وهو ما يتناقض مع الواقع المعاين حيث كانت جائحة كورونا التي عصفت بالعالم اكبر اختبار لثقة الأردنيين بمؤسسات دولتهم وهو ما كشف عن ايمان عميق من الشعب الأردني بهذه المؤسسات، الأمنية والصحية والتعليمية والمؤسسات العاملة في مختلف الحقول والمجالات والاختصاصات، وذلك على حد تقديري يعود لإيمان الأردنيين بدولتهم ومؤسساتها بوصفها رأس مالهم الكبير ومنجزهم المتفرد الذي لا يمكن التفريط به تحت أي عنوان او ذريعة.
وقال، يضاف الى مفهوم الثقة بمؤسسات الدولة واجب التصدي لمحاولات تهميشه قسرا ومحاولة اسباغ مفهوم على المزاج العام المتفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي نحترم، على اعتبار ان هذا المزاج العام هو تعبير عن الرأي العام، وهو ربط غير علمي وغير دقيق، ويأتي في إطار تزييف وعي الأردنيين بذاتهم وبدولتهم ودورها ومكانتها كذلك.
وقال ان مفهوم الرأي العام يقف على جملة من المحددات والحقائق ويبتعد كثيرا عن الخطاب العاطفي او الشعبوي الذي يجري دفعه الى واجهة النقاش دوما.
ولفت الى ان العالم يمر اليوم بتحولات دولية كبرى في ظل حالة استقطاب دولي غير مسبوق منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تفرض تحديات تطال دول العالم وعلى التحديد الدول النامية منها، على مستوى توفر السلع الغذائية وتفشي البطالة والفقر، وعند النظر لأثر الصراع الدولي في اوكرانيا الذي وضع القارة الأوروبية امام تحديات كبرى تهدد امنها وتماسكها.
واكد ان الدولة الأردنية تحملت طوال العقود الماضية سلسلة من الازمات الدامية في سوريا والعراق وفلسطين، دفعت بملايين اللاجئين الى بلادنا ورتبت أعباء اقتصادية وسياسية وأمنية تمكنت الدولة الأردنية بقيادتها الهاشمية من تجاوزها بكل حكمة وصبر وتضحية، لتأتي جائحة كورونا وأزمة أوكرانيا وتسهم في تفاقم الأوضاع في الإقليم والعالم، وهو ما يستدعي منا كأردنيين الالتفاف حول دولتنا وقيادتنا الهاشمية للعبور بالأردن الى بر الامن الأمان. وجدد التأكيد إن القضية الفلسطينية تشكل أولوية اردنية حيث يقوم جلالة الملك بتذكير العالم على الدوام بأنه لا يمكن لهذا الإقليم ان يستقر دون نيل الشعب الفلسطيني حقه المشروع ببناء دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمته القدس الشريف، وهو الموقف الذي يحرص البرلمان في جميع مشاركاته الخارجية او على مستوى البيانات والمواقف البرلمانية على التمسك به، كما تشكل الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس صمام امان يحول دون تهويد المدينة المقدسة او تغيير الوضع التاريخي للمدينة من خلال ما يسمى التقسيم الزماني والمكاني.
ولفت الى ان الأردن كان على الدوام يقف الى جوار الشعب الفلسطيني حيث كان الجيش العربي وتضحياته اكبر شاهد على الدور والالتزام الأردني تجاه القضية الفلسطينية، في سياق الدفاع عن مصالح الامة وحقوقها وكرامتها، ولم يتبدل هذا الالتزام كذلك عندما جنح العرب الى السلام، فبقي الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني متمسكا بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني رغم الضغوط التي تمارس اقتصاديا وسياسيا، ما يدل على ان الأردن وقيادته الهاشمية عبر تاريخها كانت وستبقى تنحاز لثوابت الامة ومصالحها مهما كانت التضحيات والتحديات.
–(بترا)