حرب أكثر من باردة
حمادة فراعنة
جرت المرحلة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية يوم الأحد 10/4/2022، في ظل هيمنة أزمة أوكرانيا على المشهد السياسي الأوروبي، وتم إسقاط رئيس وزراء الباكستان عمران خان يوم السبت 9/4/2022، عبر تصويت البرلمان وحجب الثقة عنه، بعد رشوة أكثر من عشرين نائباً، على خلفية رفضه الإنحياز للموقف الأميركي ضد روسيا، وعدم قبوله لذرائع واشنطن ودوافعها ضد موسكو، في أزمة أوكرانيا.
ما جرى في الباكستان، وثاني يوم في فرنسا، يدلل على أن قضية أوكرانيا، ليست عنواناً لصراع ثنائي بين موسكو وكييف، بل هي قضية دولية، صراع دولي، أساسه، قاعدته، خلفيته، ونتائجه المفتوحة على كافة الاحتمالات: روسية أميركية.
روسيا تعمل على إستعادة مكانتها الدولية بعد هزيمتها في أفغانستان، ونهاية الحرب الباردة، والهيمنة الأميركية، وسياسة القطب الواحد، والولايات المتحدة تعمل على استمرار مكانتها الأحادية، وتحكمها المنفرد بالمشهد السياسي الدولي، وبقاء القطب والخيار الأميركي الواحد.
الإنحياز يتم على هذا الأساس: موقف الصين، الهند، الباكستان، حتى العرب حلفاء أميركا يتوسلون تغيير المشهد السياسي، والتخلص من الهيمنة الأميركية والتسلط الإسرائيلي على العالم العربي.
نقف مع روسيا، ليس لأن قضيتها عادلة، أو محقة في تطلعاتها، بل نقف معها، ونتمنى لها الانتصار بالنتيجة من أجل الفوز بالتوازن الدولي، وإلغاء الهيمنة والتفرد والأحادية التي دفعنا ثمنها كعرب من خلال: احتلال العراق، ودمار سوريا وليبيا واليمن، وتعزيز مكانة المستعمرة الإسرائيلية، وتمددها وفرض شرعية احتلالها اللاشرعي، ورفضها لكل قرارات الأمم المتحدة، ولكل المبادرات الدولية، وتراجعها عن الاتفاقات التي وقعتها مع فلسطين، وإعادة احتلالها للمدن الفلسطينية كافة، التي سبق لقوات المستعمرة أن انحسرت عنها، وفق الاتفاق التدريجي متعدد المراحل الذي وقعته برعاية أميركية في حديقة البيت الأبيض مع منظمة التحرير يوم 13/9/1993.
نقف مع روسيا، لأن التفرد الأميركي منح المستعمرة رخصة مفتوحة للاستيطان واجتياح يومي لحرمة المسجد الأقصى، ولأن التفرد الأميركي هو سبب التدخلات الإيرانية والتركية والأثيوبية وتمددها في المسامات العربية، وتمزيق العرب وإضعافهم لصالح البلدان الإقليمية الثلاثة.
ضيقوا الأفق يتوهمون أن روسيا، بادرت لاجتياح أوكرانيا يوم 24 شباط فبراير 2022، للتمدد والتوسع، والنيل من جغرافية أوكرانيا عنوة، ولم يدركوا بعد أن مبادرات موسكو نحو أوكرانيا تمت على خلفية التعبأة الأميركية، ونتيجة تحريض واشنطن للرئيس الأوكراني زيلينسكي، ودفعه نحو العناد واللجوء إلى عضوية «الناتو» لمعاداة روسيا وتقويض أمنها القومي.
التصويت لدى الجمعية العامة حول عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان، تصويت حاد بمطالبات أميركية وضغوط فاقعة، ومع ذلك امتنع الأردن ومعه العديد من الدول المماثلة، صوتت بالامتناع، والتصويت بالامتناع يصب لصالح روسيا، رغم العلاقات الوطيدة مع الولايات المتحدة، وهذا تأكيد على أن الدوافع الأميركية مكشوفة عارية، وأننا لا نجاري واشنطن بمواصلة هيمنتها على السياسة الدولية، ونحن ندفع ثمن هذه السياسة في فلسطين والقدس وجوع غزة..