أخبار الاردن

الأردنيّون يحيون الذكرى الـ 54 لمعركة الكرامة

الشاهين الاخباري – عدلة جابر

 تصادف اليوم الاثنين، ذكرى معركة الكرامة التي بدأت فجر 21 مارس/ آذار، عام 1968 بين الجيش الأردني، وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وانتصر فيها الأردن بعد قتال استمر 15 ساعة.

ووفق مديرية الإعلام العسكري في القوات المسلحة الأردنية، فإن يوم الكرامة من الأيام الخالدة التاريخيه في تاريخ الأمة العربية، حيث سجل النشامى أول انتصار تاريخي على جيش الاحتلال الاسرائيلي، وهزو قوتهم وكسرو كيانهم في هذه المعركة المشرفة، وسطرت معركة الكرامة بطولات الجيش العربي على صفحات التاريخ، واصبحت الامة العربية تمجد هذه التضحيات والولاء والانتماء والعروبة المتأصلة .

معركة الكرامة معركة اسمٌ على مسمى سطر ابطال الجيش اروع واجمل الانتصارات على مر تاريخ الاردن، واصبحت ارواح الشهداء محفورة على شوارع الاردن وترفرف في سمائها العظيم .

كان من أهداف إسرائيل من غزوها للأرض الأردنية يمكن تلخيصها، بمحاولة تحطيم القدرات العسكرية للقوات والقيادة الأردنية ومحاولة هز الثقة بنفسها بعد حرب حزيران، حيث بقيت قواتنا ثابتة لتصميمها على الكفاح والجهاد من اجل هذا الوطن، وكانت القيادة الإسرائيلية تعتقد أن الجيش الأردني قد اصيب بالخوف وقلة الحيلة بعد حرب حزيران، فأخطأت التقدير لأن القيادة الأردنية عملت على إعادة التنظيم بسرعة البرق، واحتلت مواقع دفاعية جديدة على الضفة الشرقية لنهر الأردن.
ومع أن إسرائيل أعلنت أنها قامت بالهجوم لتدمير قوة المقاتلين العرب في بلدة الكرامة، إلا أن الهدف من هذا العدوان كان مغايراً تماماً لهذا الإعلان، فالهدف كان احتلال المرتفعات الشرقية من المملكة (البلقاء)، والاقتراب من العاصمة عمّان للضغط على القيادة الأردنية لقبول شروط الاستسلام التي تفرضها إسرائيل عليها، والعمل على توسيع حدودها بضم أجزاء جديدة من الأردن إليه.

و كان من أهداف إسرائيل للغزو أيضا، محاولة احتلال أراضي أردنية شرقي النهر والتمسك بها بقصد اخذها، وذلك نظراً للأهمية الاستراتيجية لهذه المرتفعات الأردنية ولزيادة العمق الاستراتيجي الإسرائيلي، وضمان الأمن والهدوء على طول خط وقف إطلاق النار مع الأردن، وتوجيه ضربات مؤثرة وقوية للقوات الأردنية التي كانت توفر الحماية والدعم والمساندة للمقاومين العرب، ودب الرعب في قلوب الأردنيين القاطنين في منطقة الأغوار، من أجل نزوحهم من أراضيهم ومزارعهم ليشكلوا أعباء جديدة قاسية على الدولة، وحرمان المقاومة العربية من وجود قواعد لها بين السكان، بالإضافة إلى المحافظة على الروح المعنوية للجيش والشعب الإسرائيلي، بسبب عدم التجانس بين الغالبية العظمى منهم في التركيبة السكانية التي جاءت على شكل هجرات صهيونية إلى أرض فلسطين، والتخوف من إحاطة العرب بهم، فأراد العدو أن يقوم بهذه العملية لإزالة حالة الرعب السائدة بين قطاعات الجيش والشعب اليهودي.

كذلك من أهداف إسرائيل لغزو الأراضي الأردنية، الأطماع الإسرائيلية بالمرتفعات الشرقية من الناحية العسكرية والاستراتيجية والاقتصادية، فمناطق الأغوار غنية بالمصادر المائية والزراعية وتشكل مصدراً اقتصادياً استراتيجياً مهماً بالنسبة للأردن.

حيث أن لموقع معركة الكرامة أهميةٌ من الناحية الدينية، فهي تمثل أرض الرباط في سبيل االله ضمن منطقة بلاد الشام، أما أهمية هذه المنطقة الجغرافية والاستراتيجية، فإنها تشكل نقطة المركز في قلب الوطن العربي، فهي أشبه ببوابة تعبر منها الجيوش الذاهبة إلى فلسطين، سواء كانت هذه الجيوش قادمة من الشرق أم من الغرب، والشمال أم الجنوب، وقد كانت مسرحاً لمعارك فاصلة في التاريخ الإسلامي، وبوابة للانتصارات التي حققت للأمة الإسلامية مكانتها ونشر رسالة الحق والعدل والإنسانية كمعركة حطين وعين جالوت. ومنطقة غور الأردن منطقة منخفضة تقع بين سلسلتين جبليتين متناسقتين، هما سلسلة الجبال الغربية وسلسلة الجبال الشرقية، وهي غنية بالمصادر الزراعية والمائية والأشجار، فتنتج الخضراوات والفواكه وهي مناطق رعوية جيدة، أما مصادرها المائية فتتمثل في نهر الأردن – بحيرة طبريا – البحر الميت وقناة الغور الشرقية، إضافة إلى العديد من العيون المائية والبرك والآبار، فالغور عصب الحياة الزراعية والاقتصادية بالنسبة للأردن.

جيشنا العربي ومعركة النصر والثبات:

لعب سلاح المدفعية والدروع الملكي وقناصو الدروع دوراً كبيراً في معركة الكرامة، وعلى طول الجبهة وخاصة في السيطرة على جسور العبور، ما منع الجيش الإسرائيلي من دفع أي قوات جديدة لإسناد هجومه الذي بدأه، وذلك نظراً لعدم قدرته على السيطرة على الجسور في وقت حدوث المعركة، وأدى ذلك إلى فقدان القوات الإسرائيلية المهاجمة لعنصر المفاجأة، وساهم بشكل كبير في تخفيف كمية الهجوم الكبيرة وعزل القوات المهاجمة شرقي النهر وبشكل سهل التعامل معها واستيعابها وتدميرها.

واستمر دور سلاح الدروع والمدفعية الملكي وجميع الأسلحة المشاركة وعناصر المشاة بشكل حاسم طيلة المعركة من خلال حرمان الإسرائيليين من محاولة إعادة البناء على الجسور القديمة، وحتى نهاية المعركة، وهذا يؤكد أن معركة الكرامة خاضها الجيش العربي وهو واثق من نفسه جداً، وأن الجهد الذي بذل خلالها ما كان جهداً ارتجالياً بل كان جهداً دفاعياً شرساً ومخططاً بتركيز على أهم نقاط القوات المهاجمة لكسر حدة زخمها وإبطاء سرعة هجومها.

توقيت بدء معركة الجيش العربي:

يمكن القول إن معركة الكرامة قد بدأت عند هجوم ما يقارب من 15,000 من القوات الإسرائيلية، والذين كانوا قد كَونوا ثلاثة ألوية مدرعة باستخدام دبابات إم 48 باتون، وقد بدأت هذه المعركة بِضرب المناطق الموجودة في منطقة الشونة-الكرامة الواقعة شمال البحر الميت وغور الصافي، بالإضافة إلى وقوع مواجهات صغيرة في الحمة، إلَّا أنَّ القوات الأردنية تعتقد أنَّ مكان الهجوم الرئيسي للإسرائيليين هو منطقة الكرامة، وقد أوقفت القوات الأردنية صفاً من الدِّبابات الإسرائيلية عند جِسر الملك حسين، كما دمّرت قوَّات من الفدائيين الفلسطينيين عدداً كبيراً مِن دبابات الجيش الإسرائيلي، وعرباته المُدرَّعة، وقواته الجوية المتوجهة إلى منطقة الكرامة، مما أدَّى إلى تدمير هذه المنطقة، ووقوع عدد كبير مِن الخسائر في الجيش الإسرائيلي. مِن الجدير بالذّكر أنَّ الرئيس المصري جمال عبد الناصر قد عَرَض إرسال سلاح جوِّي لِمُساعدة الأردنيين في معركة الكرامة إلَّا أنَّ المغفور له بإذن الله الملك الحسين بِن طلال قد رَفض عَرضه نَظَراً لِخوفه مِن حُصول كارثة أُخرى مماثلة للكارثة التي حصلت أثناء الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967م .

نتائج معركة الكرامة يُمكن تلخيص أهم نتائج معركة الكرامة فيما يلي:

تَمكن المُقاومة مِن هزيمة الجيش الإسرائيلي وتحقيق النَصر عليهم؛ حيث كانت هذه المعركة أول انتصار عربي على إسرائيل التحمت فيه القوات الأردنية والفلسطينية، التحاق العديد مِن الشباب الفلسطينين للبدء في التدريبات العسكرية بعد انتهائها، استرداد الكرامة التي فقدها العرب في حرب شهر حُزيران من عام 1967م قبل تسعة أشهر من هذه المعركة.

الخسائر الناجمة عن معركة الكرامة :
لقد نَتَج عن معركة الكرامة استشهاد 86 مِن الجنود الأردنيين، وإصابة 108 جنود آخرين، أمَّا عن خسائِر الجيش الإسرائيلي فقد كانت فادِحة إذ بَلغ عدد قتلاهم 250 جُندي، وجُرِح ما يُقارب 450 جُندي آخر، كَما قد خَسِر الجيش الأردني 13 دبابة و39 مَركبة مُختلفة، أمَّا عن الجيش الإسرائيلي فقد خسروا 88 مَركبة، و7 طائرات مُقاتلة،ومن الشهداء الذين قدموا أرواحهم في هذه المعركة: ملازم أول خضر شكري أبودرويش، والملازم عيسى سليمان عبد الرحيم، والمرشح عارف محمود الشخشير، والمرشح عبد الله شعبان عبد الغني شعاينة، والرقيب أحمد شحادة محمد عبد الرزاق الشروع، والعريف أحمد خليل محمد، والعريف جبر محمود جابر دار جابر، والعريف عبد الحميد كامل ياسين، والعريف سلطان محمود محمد الكوفحي، وخالد فوزي عبد الفتاح أبو بكر، والعريف موسى فيصل الرواحنه .

وندرك جميعاً أن بناء الدولة وتطورها منذ نشأتها الأولى ارتبط بتطور الجيش العربي الذي قدم مساهمات كبيرة في تطور الدولة وتحديثها على المستويات كافة، واضعاً مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ليكون الحارس الأمين والسند القوي وحامي الحمى وصانع الإنجازات، والملاذ الآمن وعنوان السكينة والاستقرار، فرسخ منعة الدولة وقوتها وقدرتها على الاستقرار والازدهار والنهوض وتجاوز الصعاب والتحديات وتحقيق الإنجاز والتميز في أصعب الظروف، ماضية على مبادئ الثورة العربية الكبرى بخطى ثابتة وواثقة بِنَفَسِ قيادتها الهاشمية الحكيمة ووقفة شعبها الوفي حول قيادته وجيشه.

الكرامة حطمت آمال العدو وأسطورة الجيش الذي لا يقهر

زر الذهاب إلى الأعلى