أقلام حرة

نقاط التماس والمناطق الاستراتيجية 

د.حازم قشوع

مع ان مناطق التوتر العالمية فى تبدل مستمر الا ان تحديد اماكنها يعد من القضايا الاساسية التى يستوجب العناية بها وتسليط الضوء على حواضنها وروافدها كونها تعد من الامور الاستراتيجية التى ينبغي الوقوف على جملها الداخلة والمتداخلة حيث يمكن عبر ذلك من استنباط ناتج حركة الاصطفافات وانشاء جمل ذاتية يمكن البناء عليها فى استشراف مآلات مشهد اقليمي او قراءة مسار حالة تشاركية قادمة فان مناطق التوتر الساخنة تحوى مؤشرات يمكن عبرها تحديد بوصلة التوجه وعنوان الاتجاه.
ولان المناطق الاستراتيجية تعتبر مساحات متغيرة وليست جغرافيا ثابتة كانت متلازمة حدودها ومدى تاثير القوة الجيوسياسي فى داخلها يعد من العوامل المتغيرة التى تتغير بتغير مراكز القوى الاستراتيجية الناشئة وتلازم جغرافيتها مع نقاط التواصل الحدودي فى مناطق النفوذ العالمية فان العمل على تحديد المناطق الساخنة يعنى قراءة عناوين المشهد القادم ومخرجاته ومحصلة نتائجه .
ففى السابق كانت تعد هونج كونج منطقة ساخنة فى اسيا الوسطى لتقاطع مصالح بريطانيا والناتو مع الصين كما كانت تعد افغانستان منطقة توتر ساخنة اخرى فى اسيا الوسطى لتقاطع نفوذ الاتحاد السوفيتى السايق مع الولايات المتحدة كما كانت تعتبر العراق مساحة فصل نفوذي فى الشرق الاوسط واما اليوم فلقد تم استبدال هونج كونج بتايوان لتكون تايوان منطقة توتر استراتيجية كما اصبحت ايران منطقة توتر شرق اوسطية وباتت اوكرانيا مساحة توتر استراتيجية بين الناتو وروسيا الاتحادية .
وهى المناطق الثلاث التى تشكل حالة تجاذبات عالمية ونقاط شد مركزية وتأذن باندلاع حالة تصارع عالمية ان لم يتم استدراكها من خلال تسويات سياسية كتلك التى تمت بين بريطانيا والصين فى هون كونج عندما افضت على خروج المراكز المالية البريطانية وتوجهها الى دبي واصبحت هونج كونج ذات حكم ذاتي تحت المظلة الصينية كما تم جعل افغانستان والعراق مناطق (غير مستقرة وغير آمنه) فى الناتج العام وحلت تركيا كقوة جيوسياسية بدلا عن النظام العربي فى المنطقة كمحصلة ونتيجة حيث تعمل ايران لقيادة حالة اشتباك خارج حدودها لكن ضمن نطاق مناطق نفوذها وهذا ما يجعل من حالة عدم الاستقرار الناشئه بحاجة الى تمعن ويقظة مع سخونة الجو العام فى تايوان وأوكرانيا ومحاولة الولايات المتحدة احتواء ايران وادخالها فى المنظومة الامنية كما يصف ذلك بعض المحللين .
فان تسارع وتيرة الاحداث لاسيما فى أوكرانيا سيولد حمما بركانية قادمة من الاسطول السادس وربما سيعاد استخدام تنظيم الدول الاسلامية فى اعمال اشتباك ميدانية على غرار ما تم بتنظيم القاعدة فى افغانستان هذا لان المساحة التى تقع عليها نقاط الاشتباك هى جيوب ديموغرافية مسلمة كما ذلك بعض المتابعين وهذا ان حدث من شان ان ينتج انعكاسات عميقة على الضفة الجنوبية من البحر المتوسط وستاثر نتائجها على الواقع الامنى كما الاقتصادي والمعيشي .
فان العمل على استدراك بتشكيل مرجعية موحدة لللعمل فى جنوب المتوسط يعد من الامور الاستراتيجية التى يمكنها ان تسهم بالتخفيف من مقدار الانعكاسات القادمة التى ستقذفها اجواء التوتر فى شمال المتوسط وهذا ما يسعى جلالة الملك لنسج خيوطه لواسع قدرة الاردن للقيام بهذا الدور الحيوي الهام بتشكيل مركز رئيس يحفظ للمنطقة امنها وامانها ويجعلها عصية على الاختراق قادرة على التعاطي مع ارتدادات هذه الاشتباكات بواسع مقدرة وهذا ما سيؤهل الاردن ليكون مركز بيت القرار الامنى فى المنطقة .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى