إنفعالات برلمانية
حمادة فراعنة
مظاهر لا تعكس الوعي السياسي، أو الحس بالمسؤولية، و تؤكد عدم الانضباط بالمعايير الاجتماعية المتعارف عليها، ولا ترتقي لمستوى مؤسسة تعبر عن تطلعات الأردنيين، في أن تكون كما نتطلع ونرجو ونأمل.
شيء محزن أن يتجاوز أحدهم أو بعضهم حدوده، ويتعامل مع الذات الوطنية المهنية المتقدمة جواد العناني ويمس بمكانته، وينسى الأدوار المهنية المسؤولة التي شغلها، لسنوات طويلة باحترافية واحترام ورفعة في خدمة بلدنا، يتوهم هذا أو ذاك أنه يكبر حينما يتجاوز حدوده القانونية والدستورية كنائب، وكأن النائب أكبر من الناس، مع أنه يتوجب أن يتواضع طالما أنه منتخب يمثل شعبنا في مجلس النواب، والنائب يُفترض أنه يتحلى بسعة الأفق، حتى ولو كان عديم الخبرة، ولم يسبق له ان شغل موقعاً مكنه من اكتساب الخبرات، وإجادة التعامل، ولكنه طالما غامر ورغب وغرق بالرغبة أن يكون نائباً عليه أن يعمل على التعلم حتى ولو كان في صف محو أمية، فالمعابة لا تكمن بعدم الخبرة، بل بارتكاب التجاوزات باسم موقعه النيابي وهو غير مؤهل له، وغير ملم بمضمون النظام الداخلي، ولا يدرك وظيفة النائب ودوره ومكانته كعضو في إحدى مؤسسات الدولة.
الذين خرجوا من تحت القبة، بحجة وجود وزير المياه، يعرفون أن الوزير ليس صاحب القرار، في التوصل إلى اتفاق النوايا مع المستعمرة، وليس صاحب المبادرة في التوصل لمثل هكذا مشروع، بل هو قرار سياسي يعكس قرار المؤسسة، وبات مكشوفاً أن عدداً من الذين خرجوا إلى الخارج من تحت القبة، لتهريب النصاب، تعمدوا في ذلك، حتى لا يتوفر النقاش، وهدفهم تمييع المشهد، والهروب من المواجهة، وعدم تسجيل الموقف عليهم أنهم ليسوا ضد “التفاهمات” أو لا يملكون قرار مواجهتها، فاتخذوا القرار الأسهل بالخروج، وتهريب النصاب مع المعارضين، من باب المزايدة وعدم التورط في إعلان الموقف.
سينياريوهات مكشوفة، فالنائب يعرف أن لديه الحق بحجب الثقة عن الحكومة بأكملها طالما أنه ضد خياراتها السياسية والاقتصادية، ويملك الحق بحجب الثقة عن أي وزير، وعدم الحجب تُعني مباشرة أنه يقوم بتسهيل المواقف والاجراءات والسياسات للحكومة وللوزراء، وغير ذلك مجرد تهويشات وانفعالات ومزايدات بات شعبنا يعرفها، ولا تمر عليه، ولن “ينضحك” على وعيه.
ننتظر حقاً التعديلات وإعادة صياغة قانون الانتخابات لولادة نائب وطن، غير أسير لمنطق الجهوية والحارات والمعايير الضيقة، بل نائب وطن محكوم بالمعايير الوطنية ، وسعة أفقه تتجاوب مع المصالح الوطنية كما هي لدى أبناء المدن والريف والبادية والمخيمات، نائب وطن صاحب رؤية وخبرة سياسية وطنية قادرة على التمييز وإتخاذ المواقف التي تحمي بلدنا وأمننا، بعيداً عن الشخصنة والحوصلة الضيقة.
لم يكن اختيار عبد الكريم الدغمي رئيساً إلا لسبب خبرته وقوة شخصيته وقدرته على لجم التجاوزات، ويُراهن عليه طالما وعد أن يكون أداء المجلس كما هو مطلوب منه، أداء برلماني تشريعي رقابي لائق وموضوعي يتفق مع القانون والدستور، لا أن يقع المجلس او البعض منه، في مطبات فردية كما حصل مع الذات الوطنية جواد العناني، ومع وزير المياه، وما شابه ذلك.






