حضور اللد ومبادرة أهلها
حمادة فراعنة
بادرة غير مسبوقة، سجلتها جمعية اللد الخيرية، بإطلاق مسابقة شعرية بين الشعراء، تخليداً لمدينة اللد العربية الفلسطينية عبر رُقي أشعارهم. تقدم للمسابقة 24 شاعراً، وشكلت لجنة الجمعية الثقافية برئاسة مهدي العلمي هيئة تحكيم أكاديمية من الذوات: 1 – د. عمر الفجاوي، 2 – د. علي الغبن، 3 – الشاعر زيد السعودي، وقد وقع الاختيار على الشعراء الأربعة بفوزهم:
1 – الأول الشاعر عماد سليم درويش. 2 – الثاني مناصفة بين الشاعرين أحمد العطاونة وحسام العكش. 3 – الثالث الشاعر محمد أبو رياش، ونالوا درع الجمعية، شهادة تقدير، وجائزة مالية لائقة.
مبادرة الجمعية قد تكون عادية متواضعة في العطاء، ولكنها كبيرة قوية في معايير المساهمة والتقدير، وبقاء قضية اللد حية في وعي وضمير من ولدوا فيها وباتوا قلة من الأحياء، والاستحضار الأهم نحو الذين ولدوا في المنافي ومخيمات اللجوء، وهنا تكمن أهمية مبادرة الجمعية لتقفز عن النشاط الاجتماعي الخيري إلى اختراق حالة التكيف وخلق حوافز ذكرى الحضور والتمسك بحق العودة. التحدي الذي يبرز استفادة التعلم من اليهود، فالحركة الصهيونية تُعلم الأجيال اليهودية من ذوي الجنسيات والقوميات المختلفة، تُعلمهم كأجيال شابة ضرورة العودة إلى «أورشليم» وإلى «إسرائيل» بعد أكثر من ألفي سنة من «الخروج»، فكيف يمكن للفلسطيني أن ينسى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبيسان وبئر السبع بعد سبعين عاماً؟؟.
أحدهم أصر على القول والمباهاة بقوله: أتباهى أنني أردني ولدت في عمان، عربي، مسلم، والبعض منا مسيحي، ولكن الأولوية يجب أن تكون لفلسطينيتي، لأنها لا تتعارض مع أردنيتي وعروبتي وإسلامي ومسيحيتي، ولكنها نقيضة لإسرائيليته، لهذا أُعطي الأولوية لفلسطينيتي لأنني لست مضطهداً كأردني أو عربي أو مسلم أو مسيحي بل محروم من هويتي وبيتي وحقوقي والعودة إلى فلسطين.
التنازل عن فلسطينيتي لمصلحة إسرائيليته، وهكذا يجب أن ندرك المعادلة بوضوح، راسخة قوية تستحق المباهاة، وتختزل معادلة الصراع بين الهويتين والروايتين والمشروعين: المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
لم يكن صدفة اختيار رئيس جمعية اللد الخيرية محمود كامل الترتير لهذه المبادرة، فقد وقف أهل اللد في منفاهم متباهين لما وقع في «هبة الكرامة» كما أطلقت عليها لجنة المتابعة في مناطق 48، ففي العاشر من أيار الرمضاني صادف وفق الأجندة العبرية «تحرير القدس» و»توحيدها» يوم احتلالها في الخامس من حزيران 1967، فقرروا الاحتفال بمسيرة الرايات الإسرائيلية، وقرر الفلسطينيون إحباط احتفال المستعمرة، وإفشال مسيرة راياتهم، وهكذا هبت الانتفاضة في القدس من قبل وخلال وبعد العاشر من أيار طوال شهر رمضان، حتى احبطوا المشروع الإسرائيلي وأفشلوه.
مساهمة أهل اللد مع المدن الخمسة المختلطة: حيفا وعكا ويافا والرملة واللد كان مميزاً في الانحياز لفلسطينيتهم، رغم أنهم الأقلية في مواجهة الأغلبية الإسرائيلية، فأحرقوا مراكز الشرطة، واستشهد اللداوي موسى شحادة حسونة من عائلة لداوية معروفة، وإخوانه والعديد من أقاربه ما زالوا معتقلين مع أكثر من ألفي فلسطيني تعرضوا للاعتقال من مناطق 48، إضافة إلى استشهاد الشاب محمود كيوان من أم الفحم التي عبرت عن غضبها مع باقي المدن العربية الفلسطينية في مناطق 48: الناصرة، أم الفحم، كفر قاسم، سخنين، طمرة، شفا عمرو، راهط، التي لا يسكنها أي إسرائيلي، فكانت المشاركة الكفاحية بارزة متقدمة. على خلفية هذه الوقائع وقع اهتمام جمعية اللد الخيرية من عمان، لتكون مشاركتها مع أهل اللد، حيث خلدها الشعراء بكلماتهم بما يليق مع تضحيات شهيد اللد وأسرته، في مواجهة الذين سرقوا بلدنا وتراثنا على كامل أرض فلسطين.
حق العودة سيتحقق، وسنتعلم من يهود العالم ماذا فعلوا للمستعمرة الإسرائيلية لنفعل ونؤدي دورنا نحو فلسطين، وما الوصاية الهاشمية والرعاية الأردنية سوى العنوان الذي يجمعنا ونتباهى به كأردنيين.