أقلام حرة

«طالبان» ودبلوماسية موسكو للتقرب غير المباشر

حازم عياد

تمكنت موسكو من عقد لقاء بين وفد من حركة طالبان وعدد من القيادات في المعارضة السياسية لحكومة الرئيس الافغاني اشرف غني، مثيرة بذلك استياء كبيرا لدى الرئيس الافغاني دفعه للاتصال بوزير الخارجية الامريكي بومبيو؛ اذ عجزت الادارة الامريكية عن اقناع حركة طالبان على الجلوس على طاولة المفاوضات مع الحكومة الافغانية، في حين نجحت موسكو في جمع معارضي الرئيس ومنافسيه السياسيين ومن ضمنهم مرشحين مستقبليين للرئاسة الافغانية مع وفد الحركة في موسكو.
زامير كابولوف المبعوث الروسي الى أفغانستان التقى وفد حركة طالبان بقيادة شير محمد عباس ستانيكزاي الذي اعتبر المحادثات مثمرة بحسب ما نقل موقع الجزيرة الاخباري باللغة الانجليزية، المهم ان المحاولة الروسية تضمنت عرضا سخيا بأن تلعب موسكو دورا في رفع العقوبات عن حركة طالبان في الامم المتحدة ومجلس الامن، فاعلية كبيرة في جمع طالبان مع مسؤولين افغان سابقين دفعت حامد كرزاي الى الاشادة بهذا اللقاء.
موسكو بذلك تعد العدة لمرحلة ما بعد الانسحاب وتحاول ايجاد ارضية للعب دور اكبر في العملية السياسية داخل افغانستان؛ فاعلية كبيرة في اقناع قيادات الحركة بالجلوس مع مسؤولين سابقين ومعارضين لأشرف غني؛ تؤهلها لدور اكبر يتبع الانسحاب الامريكي لملء الفراغ الذي سينجم عن الانسحاب المرتقب. 
موسكو تزاحم امريكا في الساحة الافغانية وهي تملك اوراقا قوية على رأسها العلاقة المنفتحة مع طهران وباكستان في المرحلة الحالية، وتقف الى جانبها تركيا التي ستستضيف الرئيس الافغاني في وقت قريب ما يعني ان الكثير من الاوراق باتت تتسرب من ايدي الامريكان في افغانستان وتتخذ مسارات متعددة. 
لم تعد افغانستان حكرا على الولايات المتحدة الامريكية وباتت تتقاطع العديد من المصالح في افغانستان اذ تناقلت الانباء لقاءات مشابهة بين المسؤولين الصينيين وقيادات في طالبان برعاية باكستانية قبل عام من الان.
وبالرغم من الادوار المتعددة والمتداخلة تبقى روسيا طرفا قويا في افغانستان اذ تتهمها بعض التقارير الاعلامية بتسليح «الوحدة الحمراء» التابعة لطالبان والتي تتمتع بكفاءة عالية؛ مسألة من الممكن ان تؤثر إن صحت التقارير بشكل كبير على فاعلية الوساطة الروسية.
أفغانستان ليست الساحة الوحيدة التي تزاحم فيها روسيا امريكا فهي تزاحمها ايضا في اليمن وتملك علاقة قوية مع طهران تتيح لها المجال لعب دور سياسي، وتزاحمها في الملف الفلسطيني اذ ستستضيف وفد حركة حماس يوم 14 شباط الحالي وتعرض نفسها كوسيط لإنهاء الانقسام الفلسطيني.
ختاما.. تبذل موسكو جهودا كبيرة لملء الفراغ الناجم عن تراكم الاخطاء والارتباك السياسي الامريكي وهي تستعين بحلفاء اقليميين ودوليين كتركيا وايران والصين؛ استراتيجية روسية باتت اكثر وضوحا من ذي قبل في التعامل مع واشنطن، يمكن وصفها باستراتيجية «التقرب غير المباشر» من مناطق النفوذ الامريكية؛ مصطلح عسكري ابتكره الاستراتيجي البريطاني ليدل هارت لوصف القدرة على المناورة والالتفاف على قوات العدو، ويمكن اسقاطها على الدبلوماسية الروسية الجديدة التي تحوي مضامين سياسية وامنية، ولكن بآليات دبلوماسية تشبه الماكنة الحديثة والسريعة التي ادخلت في اعقاب الحرب العالمية الثانية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى