التوجيهي.. مسخرة استثنائية
ايمان_عكور
مبروك الفرحة للاردنيين.. اشتقنالها
ولكن…!
اعادتني قوائم المعدلات التي حققها طلبة ( التوجيهي الكوروني) إلى ذكريات هذا اليوم قبل 32 عاما عندما تزاحمنا على ابواب مدرسة ثانوية بنات اربد لمعرفة معدلاتنا والذي كانت قوائمه تعلق على جدران المدرسة.. عندما كنا نتشارك الزغاريد وايضا الدموع الحقيقية..
عندما كانت الفرحة ورقية وليست الكترونية
كانت لحظات استثنائية..!
لحظات كنا وقتها نعتقد انها هي الضربة القاضية في الحياة.. وان اثرها سيلازمنا مدى العمر.. وكنا غلطانين..!
معدلي كان 87.8٪ الفرع العلمي
وكنت مصرة ان ادرس الصيدلة ( لا اعرف لماذا وقتها كان هالخيار الغريب والذي اكتشفت بعدها بوقت قصير انني لست من هواة الصيدلة والادوية) لاغير تخصصي من صيدلة إلى لغة انجليزية..
ووقتها ضحك مني البعض انني فرع علمي ومعدل عالي وبالنهاية ادرس انجليزي والذي كانت معدلات القبول فيه اقل بكثير..
اتذكر وقتها ان أعلى معدل في مدرستي على الاقل لم يتجاوز 94 حققته طالبة او اثنتين اضافة لطالبتين في التسعينات.. وعدد لا يتجاوز العشرين بالثمانينات والبقية معدلات طبيعية.. وليست كما نسمع هذه الأيام.
كان هناك طالبا واحدا من الاوائل وليس بالعشرات.
نعم تغيرت الحياة.. تغيرت الظروف.. تغيرت الأجيال.. لكن ما يحدث يدعو للألم.
ان يكون في امتحان التوجيهي لهذا العام 78 طالبا معدلاتهم 100٪ فهذا يدعو للخجل وليس الافتخار..
ان يكون هناك العشرات ممن معدلاتهم 99.9٪ فهذا عار على التربية والتعليم
ان تنحصر المقاعد الجامعية على عدد محدود ممن حقق معدل 90 فما فوق هو اخفاق في سياساتنا التعليمية..
في الوقت الذي تتجه فيه معظم دول العالم إلى الابداع وتنمية المواهب وتعزيز روح العطاء عند الطلبة وهم على مقاعد الدراسة، تصر حكوماتنا الفاشلة على تخريج اجيال (شبه امية) عندما يكون الامتحان مجرد ( دوائر) بلا اي تفكير.
سياسات موجهة من اجل تجهيل الشباب وقتل مستقبلهم.. تجارة باحلامهم وملء بطون تجار الجامعات الخاصة والفاسدين..
تخبط على مدى العشرين عاما الماضية فيما يتعلق بنظام التوجيهي.. الذي تم تسخيفه لدرجة مخجلة..
فهو يفتقر لادنى مقومات التقييم الحقيقي لقدرات الطالب.. فكانت النتيجة 100٪ ( عيب والف عيب).
كل وزير.. يستعرض عضلاته.. كل عام
ويقوم بتغيير النظام.. الذي كان يرتبط لعقود طويلة بالثقافة والتعلم الحقيفي..
ها انا استمع للخطبة العصماء التي يلقيها الوزير حاليا حول ( الانجاز الاستثنائي) كما سماه وكانه خطاب بطولي.. ( ساتجاوز عن عدد الاخطاء اللغوية التي ارتكبها في قراءة الخطاب).
يقول لهم.. صنعتم النجاح بايديكم
واقول له.. قتلتم النجاح بايديكم يا وزارة
عظم الله اجرك يا وطن.. اين سيذهب هؤلاء الشباب في ظل هذه الظروف..!
الم يحن الاوان ان نعترف بهذا النظام الفاشل في تقييم الطلبة.. لماذا لا يتم تشجيع الطالب على الابداع والانخراط في العمل التطوعي والخروج من التفكير داخل الصندوق وان يتم احتساب ما يقدمه وينجزه كل طالب خلال السنوات الثلاث الاخيرة من المرحلة التعليمية عوضا عن هذا التقييم العقيم الذي يفرز فاشلين يعتمد اكثرهم على الغش وضربة حظ.
في حين تقتل ابداعات لطلبة مميزون.
لكن ماذا عساني اقول..غير
انها حقا مسخرة استثنائية..!