أقلام حرة

المعلم: شرعية المطلب بين المنطق والواقع

د. محمد محمود محاسنة


إن عداء المعلم واستعداءه كاد يصير ضرورة من ضرورات الاعتبار الحكومي للأفراد والمؤسسات، فعلى مستوى الأفراد ضاقت مواقع التواصل الاجتماعي بشواهد تعصى على الحاصر، وليس هنا محلّ تحرير المسألة، ذلك أن الناس بين قادح ومادح، وكلهم يلتمس له العذر، أما المسألة ومناطها فهي خطاب المؤسسات التي تمثّل الدولة أو -يجب أن تمثل الدولة-.

​يجد أسرع متابع –قاصدا أو غير قاصد- للخطاب الحكومي فيما يتصل بالمعلمين ومطالبهم، أن الخطاب يتمركز حول قضيتين منطقتين: شرعيةِ الاعتصام، وتوقيته، ويتفرع عنهما طائفة من القضايا الفرعية تتعلق بالعلاوة المالية قيمةً وإجراءاتٍ وأحقيّةً، وهذه مفاصل –تبدو مناسبة- لكل طاعن في المعلم نقابةً وصاحبَ حقٍّ.

​إن الاحتكام إلى المنطق والمنطق فقط هو الذي جعل الخطاب الحكومي على هذا النحو من السطحية والتخبط- عن قصد أو غير قصد-، ذلك أن المحاكمات المنطقية- من حيث أصل الوضع- تقيس الصواب والخطأ، وليس الصواب فقط- حسب استهيام الحكومة وتفاصيلها-، لذا إذا أرادت الحكومة إعادة توصيف المشهد توصيفا أقرب إلى الحقيقة، فإنه يجب عليها أن تحتكم إلى الواقع والمنطق سوية – وليس معا-، فمقولات الواقع كلها لصالح المعلم مواطنا ونقابة وصاحب حق.

​ولكي ننطلق من الواقع يجب أن نلاحظ السياقين: الاجتماعي (الثقافي الفكري) والديمغرافي الذي يشكّله المعلم، ذلك أن المعلم – على افتراض حركية كل العوامل حوله، وهي متحركة،- هو الأقدر على خلق الوعي أو إعادة تشكيله، فتمكين المعلم ينعكس بالضرورة على كامل عناصر الدولة/الوطن بقدر أعلى من الوعي والحرية المفضيان إلى البناء الحقيقي المحتفظ بأصالة التاريخ المراعي لمتطلبات المرحلة.

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page