أقلام حرة

الأزمة الأقتصادية مسؤوليتنا جميعاً

بلال حسن التل


أعتقد أننا كأردنيين مسؤولين جميعاً وبصور ونسب مختلفة عن الأوضاع الاقتصادية التي نعيشها، والتي تشكل واحدة من أكبر وأخطر التحديات التي تواجهنا، وأكثرها تعقيدًا وانعكاسًا على الاستقرار الاجتماعي والسكاني، والأمني ومن ثم الاستقرار السياسي، خاصة في ظل استمرار تآكل قدرة الأردني على الشراء، مما يفرض على كل القوى الحية في وطننا أن تستنفر قواها، للمساهمة في مواجهة هذا التحدي، الذي ساهمنا جميعاً في صناعته وبالتالي صارت مواجهته مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل فرد أو جماعة أو مؤسسة، ذلك أن أزمتنا الاقتصادية ليست قضية أرقام فقط، لكنها قضية قيم ومفاهيم في الأساس، لأن جزءاً كبيراً من أزمتنا الاقتصادية ناجم عن مفاهيم وقيم انعكست سلوكاً في مجتمعنا وسمته بالطابع الاستهلاكي المدمر، الأمر الذي يستدعي أن يراجع كل واحد منا سلوكه الاقتصادي، مثلما يستدعي أن تولى كل خطة لإصلاح الاقتصاد الأردني الجانب القيمي اهتماماً كبيراً، بهدف إعادة بناء مفاهيم السلوك الاقتصادي السليم وأولها التوقف عن الإسراف والتبذير والعودة إلى ممارسة قيم القناعة والعفاف في سلوكنا كأفراد وكمجتمع من جهة، وكذلك إحلال ثقافة الإنتاج محل ثقافة الاستهلاك التي سيطرت على حياتنا من جهة أخرى، لأنه بسبب هذا الاختلال في معادلة الإنتاج والاستهلاك لمصلحة الاستهلاك تعمقت أزمتنا الاقتصادية. وفي جانب المفاهيم والقناعات أيضاً لابد من الاعتراف بأن من أسباب تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تواجهه بلدنا غياب الشفافية، مما أدى إلى ربط الوضع الاقتصادي في أذهان الأردنيين بالفساد والرشوة والمحسوبية من جهة، وبسوء الإدارة وفشل التخطيط من جهة ثانية، وبفقدان الثقة ببرامج وخطط ووعود الحكومات وبجديتها في التصدي لمعالجة الأوضاع الاقتصادية من جهة ثالثة، خاصة في ظل ما يتحدث عنه الناس من التضارب بين أقوال الحكومة وأفعالها، من ذلك على سبيل المثال أنه في الوقت الذي تشكو فيه الحكومة من تضخم الجهاز الوظيفي، فإنها لا تتوانى عن الإسراف بالتوظيف عن طريق العقود الشاملة وعقود شراء الخدمة، وهي عقود تمكن اصحابها من إشغال أكثر من وظيفة في نفس الوقت، ومن ثم تؤمن لهم دخولاً عالية في ظل نسب بطالة مرتفعة يعاني منها أبناء الوطن، كذلك يكثر الحديث عن بذخ الحكومات كالإنفاق على الديكورات والأثاث واستبدال السيارات الحكومية. وسوء استعمال السيارات، كذلك السفر وبدلاته إلى غير ذلك مما يتحدث عنه الناس من مظاهر البذخ غير المبرر لدولة محدودة الموارد تدعو حكومته مواطنيه إلى شد الأحزمة. لذلك فإنه من المهم أن تقدم الحكومة نموذجاً يقتدى به في سلوكها الاقتصادي، لبناء ثقة المواطنين ببرامجها وخططها للإصلاح الاقتصادي. خلاصة القول في هذه القضية: أننا جميعاً شركاء وإن كنا بنسب متفاوتة في صناعة أزمتنا الاقتصادية، لذلك فإن الخروج منها يقع على عاتق كل واحد منا مهما كان موقعه

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!