دولي

بعد تعثر مفاوضات سد النهضة.. هذه المعاهدة قد تحسم النزاع

الشاهين نيوز

بعد أن أعلنت مصر تعثر مفاوضات سد النهضة بسبب ما وصفته بالتعنت الإثيوبي حول قواعد الملء والتشغيل للسد، ثم ما لحقه من تصريحات إثيوبية مضادة تتهم مصر بمحاولة الحفاظ على سيطرتها على مياه النيل وفقا لمعاهدات من حقبة الاستعمار، خرجت تساؤلات عديدة حول إلى أي مرجعية قانونية تستند الدول الثلاث في المفاوضات؟

وزارة الخارجية الإثيوبية، ذكرت في مذكرة تم توزيعها على السفارات في الأول من أكتوبر الحالي، أن اقتراح مصر هو محاولة للحفاظ على نظام أعلنته ذاتيا لتوزيع المياه يرجع للحقبة الاستعمارية، واستخدام حق النقض ضد أي مشروع في نظام النيل.

وأعلنت أن الخطة المصرية “متحيزة” وبها عيوب، وستعرقل في نهاية الأمر تنميتها الاقتصادية.

لكن إلى أي اتفاق أو معاهدة دولية ستستند الدول الثلاث؟ وإلى أي اتفاق تستند إليه كل دولة على حدة لتبرير موقفها قانونيا ودوليا؟

بداية ووفقا لتقرير أعدته الهيئة العامة للاستعلامات التابعة للرئاسة المصرية، فإن مصر تحتفظ بـ 15 معاهدة واتفاقية دولية، سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي، لاستغلال مياه نهر النيل، مضيفة أن بعض هذه الاتفاقيات وقّعت إبان فترات الاستعمار وكان لها تأثير على العلاقات الحالية بين مصر ودول الحوض.

وذكرت أن هناك 5 اتفاقيات من الـ 15 اتفاقية تم توقيعها مع إثيوبيا وحدها، وهي بروتوكول روما الموقع في 15 إبريل من العام 1891 بين كل من بريطانيا وإيطاليا التي كانت تحتل إريتريا في ذلك الوقت بشأن تحديد مناطق نفوذ كل من الدولتين في إفريقيا الشرقية، وتعهدت إيطاليا في المادة الثالثة من الاتفاقية بعدم إقامة أية منشآت لأغراض الري على نهر عطبرة يمكن أن تؤثر على تصرفات النيل.

منشآت على النيل الأزرق

وأعقب ذلك اتفاقية أديس أبابا الموقعة في 15 مايو 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا، تعهد فيها الإمبراطور منيليك الثاني ملك إثيوبيا بعدم إقامة أو السماح بإقامة أي منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل إلا بموافقة الحكومة البريطانية والحكومة السودانية مقدماً.

وتضمنت الاتفاقيات الخمس اتفاقية لندن الموقعة في 13 ديسمبر 1906 بين كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وينص البند الرابع منها على أن تعمل هذه الدول معاً على تأمين دخول مياه النيل الأزرق وروافده إلى مصر، تليها اتفاقية روما وهي عبارة عن مجموعة خطابات متبادلة بين بريطانيا وإيطاليا في 1925، وتعترف فيها إيطاليا بالحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما، وتتعهد بعدم إجراء أي إشغالات عليهما من شأنها أن تنقص من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي.

وفي العصر الحديث، وقع اتفاق آخر بين مصر وإثيوبيا وكان ذلك في الأول من يوليو 1993 بين كل من الرئيس المصري آنداك محمد حسني مبارك ورئيس الوزراء الإثيوبي وقتها ميليس زيناوي، يتضمن عدم قيام أي من الدولتين بعمل أي نشاط يتعلق بمياه النيل قد يسبب ضرراً بمصالح الدولة الأخرى، وضرورة الحفاظ على مياه النيل وحمايتها، واحترام القوانين الدولية، والتشاور والتعاون بين الدولتين بغرض إقامة مشروعات تزيد من حجم تدفق المياه وتقليل الفاقد.

هناك أيضا اتفاقيتان لتنظيم العلاقة المائية بين مصر والسودان، وهما اتفاقية العام 1929، وتتضمن ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال ري أو توليد قوى أو أي إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل لمصر، أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر، والاتفاقية الثانية وهي اتفاقية 1959، وتنص على احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار متر مكعب سنوياً، وكذلك حق السودان المقدر بأربعة مليارات متر مكعب سنوياً، وموافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالي وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق وما يستتبعه من أعمال تلزم السودان لاستغلال حصته.

ونص هذا البند على أن توزيع الفائدة المائية من السد العالي والبالغة 22 مليار متر مكعب سنوياً توزع على الدولتين، بحيث يحصل السودان على 14،5 مليار متر مكعب، وتحصل مصر على 7،5 مليار متر مكعب، ليصل إجمالي حصة كل دولة سنوياً إلى 55.5 مليار متر مكعب لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان.

د أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي العام يؤكد لـ”العربية.نت” أن هناك معاهدة أخيرة تعتبر حاكمة وحاسمة للنزاع ووقعت عليها الدول الثلاث، ثم دخلت حيز النفاذ منذ توقيعها، ولا يعوزها أي إجراءات داخل الدول الثلاث يمنعها من أن تصير نافذة وملزمة.

وأضاف أن هذه الاتفاقية هي اتفاق إعلان المبادئ الموقع في الخرطوم في مارس من العام 2015، وهو اتفاق يعد مرجعية قانونية وحاكمة لحل النزاع، ولا يمكن الزعم بأنه مجرد إعلان نوايا أو مبادئ عامة، مؤكدا أنه اتفاق ملزم يحدد شروط وقواعد الانتفاع المنصف والمشترك بمياه النيل، ويردم الهوة الخلافية بين الأطراف الثلاثة.

وكشف أن الحديث عن اتفاقات سابقة لهذه الاتفاقية غير ذات جدوى، فقد أصبحت هذه الاتفاقية سارية وحاكمة للعلاقات التعاقدية الدولية بين الدول الثلاث في مجال الانتفاع بمياه النيل، ولا يجوز الخروج عليها.

إعلان المبادئ

اتفاقية إعلان المبادئ وقعت بين رؤساء الدول الثلاث في العاصمة السودانية الخرطوم في مارس 2015، وتشمل 10 مبادئ تلتزم بها الدول الثلاث بشأن سد النهضة، وتقوم على التعاون المشترك واحترام المصالح لكل طرف، وحسن النوايا، والمكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولي، والتعاون في تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها، وعدم التسبب في ضرر ذي شأن لأي دولة من الدول الثلاث.

ونص الاتفاق على أنه في حالة حدوث ضرر ذي شأن لإحدى الدول، فإن الدولة المتسببة في إحداث هذا الضرر عليها، في غياب اتفاق حول هذا الفعل، اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتخفيف أو منع هذا الضرر، ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك مناسباً.

وتضمنت الاتفاقية الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة والتي ستشمل كافة السيناريوهات المختلفة، بالتوازي مع عملية بناء السد، والاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي لسد النهضة، والتي يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لآخر وإخطار دولتي المصب بأية ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعي إعادة الضبط لعملية تشغيل السد.

وذكر الاتفاق أنه في حالة النزاع تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا، مضيفا أنه إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، أو الوساطة، أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول الثلاث

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!