أقلام حرة

“المراهنةُ على الموتى: تحيينُ حقِّ المعلم”


د محمد محمود محاسنة

يجدُ المتأملُ في خطابِ دولةِ رئيسِ الوزراءِ -فيما يتعلقُ بحقِ المعلمِ وآلياتِ المطالبةِ به- أنّه يحتوي على جرعةٍ مفرطةٍ من “الرومانسيةِ السياسيةِ” مخاطبا العواطفَ، متجاهلا العقولَ، مؤسسا لمحاولةٍ –غيرِ ناجحةٍ- لمحاكاةِ الواقعِ على نحوٍ أفلاطونيّ ينحرفُ عن الحقيقةِ درجيتن على الأقل.
تحدّثَ دولتُه بينَ الدقيقتين الرابعةَ عشرةَ والخامسةَ عشرةَ عن نقيبِ المعلمين الأسبقِ* الدكتور أحمد الحجايا، مترحما على الفرصةِ الذّهبيةِ التي أهدرها الموتُ، موظفا لغةَ الجسد في محاولةٍ يائسةٍ لإقناعِ المتلقي بأنَّ القائمينَ على النّقابةِ –الأحياءَ- هم من يضعون العصي في الدواليبِ.
يبدو أن السّيدَ الرئيسَ نسي أو تجاهل أبسطَ أبجدياتِ تأسيسِ الخطابِ المقبولِ، ذلك أنَّه الشّخصيةُ الاعتباريةُ القادرةُ على حلِّ الإشكالِ بينَ الحكومةِ والنَّقابةِ، فالحلُّ يقتضي واقعيةً وواقعيةُ فقط، فمن غيرِ المعقولِ أنّ العقلَ الأولَ في الحكومةِ لا يزالُ يقفُ عندَ “مَيْتٍ” ويراهنُ عليه –لو ظل حيا-، فالمراهنةُ على الموتى ضربٌ من ضربِ الواقعِ والأحياءِ بعرضِ الحائطِ، ولا يراهنُ على الميتِ إلا الميتُ.
قلتُ مرةً “إنَّ المراهنَ الحقيقيَّ يراهنُ على الخيولِ كلِّها”، وأزيدُ هنا وأقول، لا يحقُّ لكَ يا دولةَ الرئيسِ استثناءَ أيَّ حصانٍ من الرِّهانِ، فالرِّهانُ عليها كلِّها يثبتُ أنَّكَ فارسُ المرحلةِ، أما الأحياءُ فلا يراهنُ عليهم غيرُ الأحياء.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!