أقلام حرة

الى والدي بعد عام غياب

داود شاهين

أبتي العزيز

بعد عام على غيابك لا زلت تسكن في كل شيء من حولي ولا زلت تشاركنا كل لحظة وكل مناسبة …. نعم لا زلت تفرض وجودك في لحظات حياتنا كما تعودنا عليك …. ولا أبالغ إن قلت لك أنك لا زلت العنوان لكل أيام حياتنا و وجودنا ….. فلا يمر يوم دون أن نستذكرك… لقد تركت في الجميع علامة وبصمة ستبقى تشهد على مرورك الى الابد .

في يوم من الايام قرأت عبارة تقول ( أعظم الناس من ترك علامة على الطريق ليقال من بعده من هنا مر فلان ) ولم أعرف حجم وعظمة هذه العبارة إلا عندما ترجمتها على أرض الواقع … والرائع في ترجمتك لها أنك ترجمتها بغيابك …. كم أنت عظيم …. وكم كنت عظيم …. وستبقى الى الأبد عظيم … عظمتك أن غيابك اجبر الجميع على إستذكارك في كل يوم وفي كل مناسبة وفي كل مكان … عظمتك مبعث فخر لكل من ينتمي اليك ويحمل أسمك ايها الفارس الإنسان .

لكن رغم كل هذا التواجد بيننا إلا أني لا زلت أفتقدك وأفتقد الجلوس معك والتحدث اليك … وصدقا افتقد أحيانا حواراتي ونقاشاتي ومشاجراتي معك …. رغم حدتها في بعض الأحيان إلا انها لم تخلوا أبدا من الود والحب والرحمة .

أعيش بعدك أحساس غريب لا ولن أستطيع وصفه في يوم من الأيام … إحساس يجعلني أدخل في حالة نفسية مرضية لم أتمكن من تحديدها دفعتني الى زيارة الطبيب ولأكثر من مرة … إحساس بألم يزداد كلما إقترب موعد ذكرى رحيلك … إحساس بطائر يسكن صدري يرفرف بجناحيه يحاول الإفلات من قفصه ليطير الى السماء لمعانقة روح قد تعلق بها ….. لا أدري أهو إحساس الشوق أم رغبة في الإلتحاق بك لأجلس بين يديك وأقول لك

أبتي العزيز :

إني ببعدك تائه وحداني        لا الأرض أرضي ولا المكان مكاني

فارقتني والفقد كان بلحظة       مهما حييت ستظل في وجداني

و توقفت كل المشاعر عندها      والحزن فجر مقلتي بثواني

إني بفقد قد فقدت هويتي        وأضعت عنواني … نسيت زماني

وأصبحت بعدك في حياتي      تائه أسافر فيها حامل أحزاني

و إستوطن الألم الكبير بداخلي    وآهات قلبي لحنت بأغاني

قد كان فقدك للجميع مصيبة    حلت بقاصيها…. رواها الداني

فرثتك أحجار البيوت وأرضها    فالكل بعدك كل الوجود يعاني

رحمك الله يا أبي رحمة بعدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته 

رحل ابي في : 7/11/2018

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!